aljazeera tv live online is loading ....!
link tv
Saturday, June 23, 2007
بيــــــان انتخـــابي
عن سيف القمع المسلول، جوع البطون و خواء العقول
حدثني يوما الأستاذ محمد عـــــبوّ فرّج الله كربه وأعاده إلى ذويه و بيتـــــه و جمعه بمن أحبه قائـــلا : لا تخطئ وصف الحال، فالوصف طريق المعرفة و سبيلها، والمعرفة سلطان لا قدرة عليها "للسرجان" * و لا من أحاط به من أعوان، فلتعلم أن محنتي من محنة ذاك القطاع و محنة القطاع من محنة الشعب الذي أنهكه القمع و نال منه الخوف فــــأذعن و أطاع.
و ليس يشذ وصف الحال منذ عقدين ماضيين عن هجمة متواصلة وحرب شاملة خاضتها السلطة بمشرعّها و بوليسها و أعوانها على أهل الدفاع و المقال، جـــــماعة وأفرادا، حتى طغى على المشهد الخراب و الدمّار.
v مكاتب محاصرة، و حقوق المحامي في العمل و الحركة مصادرة.
v محامون جائعون منهم من انتحر ** و منهم مـــــــــن آثر الصبر و منهم من هاجر وغادر و منهم من تحول إلى جـــــــاسوس و مخــــــــبر ومنهم من تبولس و سمسر.
v مكاتب تسرق بحرفيّة الجان من لصوص السلطان دون خلع الباب و دون أن يلقى الجاني العقاب ***.
v محامون ضحايا عنف البوليس الذي يحميه الرئيس فلا قـــانون و لا مؤسسات و إنما معتدون و " تعليمات".
v مرافعات تحولّت إلى أدوار في مسرحية قضائية لا البراءة فيها تغني و لا الترافع يجدي.
محامون خائفون متوجسّون، حتى أنه لم يبق من المحاماة إلاّ ظلّها و من العباءة إلاّ لونها ، فضاع بذلك ما سما من القيم و ما حمد من الأخلاق و شاع الفحش و الغــــش و النفاق، بضاعة راجت سوقها فتيسرّ للسلطة بلوغ المآرب و لأعوانها نيل المطالب فأصبحت الوشاية طريقا للتكسب و اعتلاء المنصب و كسدت بضاعة العلم و المعلومة حتى أفرغت العقول منها الحمولة.
و ختم الأستاذ محمد عبوّ قوله :
و من يريد للمحاماة إحياء فلا مناص من جعل القيم لها بناء فلا الجري وراء الفلس يحييها و لا سلوك الأخرس يليق بماضيها، و الله أعلم.
أ.عبد الرؤوف العيادي
عضو مجلس الهيئة الوطنية للمحامين سابقا
21 / 6 / 2007
-----------------------------------------------------------------
* المقصود به " السرجان " " قارسيا " و من تأسى بسيرته
** المرحومان محمد البحري و فتحي الدكماني
*** سجلنا خلال المدّة النيابيّة 2001/2004 حوالي 60 حالة سرقة لمكاتب المحامين .
التزام بالانخراط الكامل، وكأعضاء فاعلين، في جميع مراحل إعداد وإنجاز هذا المؤتمر
واقتناعا بأن إنجاز المنعرج الديمقراطي ضرورة وطنية ملحة تتطلب من جميع الديمقراطيين والتقدميين العمل بجدية ومسؤولية على تجاوز حالة العجز والتشتت التي عليها قوى المعارضة الديمقراطية في اتجاه بناء قطب سياسي موحد، قوي ومؤثر، قادر على تغيير موازين القوى بتعبئة المواطنين والمواطنات حول مشروع تحديثي ديمقراطي وتقدمي شامل وعلى تقديم بديل مقنع يعارض النهج التسلطي السائد كما يرفض البدائل المغلوطة التي تسعى إلى توظيف المشاعر الدينية لشعبنا للارتداد بمجتمعنا إلى الوراء،
وإيمانا بأن النجاح في بناء هذا القطب الديمقراطي التقدمي في حاجة إلى وجود تنظيم سياسي عصري قادر على أن يستقطب أوسع قطاعات الرأي العام ويكون قوة دفع وتجميع على أساس مبادئ الديمقراطية والمواطنة والحداثة و قيم الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية،
نحن الممضين أسفله، اعضاء حركة التجديد والمناضلين غير المنظمين المنتمين إلى حساسيات فكرية وسياسية ديمقراطية وتقدمية متنوعة،
نعلن عن قرارنا بأن نجعل من المؤتمر القادم لحركة التجديد مؤتمرا توحيديا مشتركا نقوم فيه معا ببعث حزب موحد ديمقراطي وتقدمي واسع
نعبر عن التزامنا بالانخراط الكامل، وكأعضاء فاعلين، في جميع مراحل إعداد وإنجاز هذا المؤتمر وذلك في إطار الشراكة والمساواة التامة فيما بيننا،
نعلن عن تشكيل الهيئة الوطنية لإعداد المؤتمر على أساس التناصف بين التجديديين والمستقلين، باعتبارها هيئة لها كامل الصلاحيات في الإشراف على إعداد المؤتمر وإنجازه بكافة جوانبه السياسية والتنظيمية،
نتوجه بنداء حار إلى كافة العزائم الصادقة والطاقات الواعية بضرورة توحيد الحركة الديمقراطية والتقدمية، كي ينخرطوا معنا في هذا المسار المفتوح ويساهموا معنا مساهمة فعالة في إنجاح هذا المشروع التاريخي الواعد
.
القائمة الأولى للممضين
أعضاء الهيئة الوطنية لإعداد المؤتمر الموحد
(حسب الترتيب الأبجدي)
المصدر: الطريق الجديد عدد 61 - جوان 2007
تونس (اصوات)
تعرّض مراسل "وطن" في تونس السبت إلى محاولة إعتداء جسدي جديد ،على خلفيّة تقارير كتبها عن حالات فساد مورّط فيها عدد من أصهار الرئيس التونسي زين العابدين بن علي ، و تصريحات كانت بثتها للزميل قناة "الحوار" التي تبث برامجها من لندن . و تفرض السلطات التونسية منذ أيام على الزميل سليم بوخذير مراسل "وطن" في تونس والكاتب المعروف بعدد من الصحف و المواقع العربية ، مراقبة أمنية لصيقةعلى منزله بالعاصمة التونسية وعلى مجمل تحرّكاته في الشارع حيث تُطارده دائما سيارة بيضاء اللون حاملة لرقم 61 تونس 7019 على متنها عونان من البوليس السياسي . و في مساء أمس السبت 9 جون إمتطى الزميل سيارة أجرة من منزله إلى مقرّ صحيفة "لابراس" الحكومة حيث كان ينوي لقاء كاتب عام نقابة الصحافيين التونسيين محمود الذوادي ، و بعد مكوثه أمام مقرّ الصحيفة منتظرا خروج زميله للموعد ، إستقدم له أعوان البوليس السياسي الذين ! صارعددهم كبيرا فور وصوله إلى مقر الصحيفة ، فتاة مجهولة سارعت إليه لتشرع في شتمه متهمة إيّاه بأنه حاول التحرّش بهافي إطار مسرحية رديئة الإخراج . وعلى الفور حضر "بلطجي" مفتول العضلات من الجهة المقابلة ليحاول ضربه في إطار المسرحية ذاتها ، وقد هبّ أعوان الإستقبال في صحيفة "لابراس" لإنجاد السيد بوخذير حيث كانوا قريبين تماما من الزميل بوخذير و شاهدوا أنه لم يكن ينظر إليها أصلا وأدخلوه إلى مقر الصحيفة مانعين عنه الاعتداء. و تأتي هذه المحاولة الجديدة بهدف مزيد التشفّي في الوميل سليم بوخذير و محاولة إثنائه عن التحرّك و الكتابة بحرّية . و كان الزميل بوخذير قد تعرّض لإعتداء خطير يوم 15 مايو الفارط على يد "بلجي" آخر على مقربة مقرّ المجلس الوطني للحريات بتونس ، إستقدمه له أعوان البوليس السياسي التونسي عقابا له على تقارير كان نشرها بعديد وسائل الإعلام عن تجاوزات خطيرة مورّط فيها أصهار الرئيس التونسي ، من ذلك مطالبته بالتحقيق مع المسؤول عن تنظيم كارثة حفل "ستار اكاديمي" بمدينة صفاقس التونسية التي ماتو جُرج فيها العشرات فيها و هو حسام الطرابلسي صهر بن علي ، و كذلك إشارته في تقرير آخر إلى إ! عتقال 5 اعوان أمن تونسيين بسبب محاولبتهم إيقاف صهر آخرللرئيس التونسي إ عتدى على مواطنين و كان في حالة هيجان و سكر، و هي طبعا من الأخبار المحرّم نشرها في تونس . و سبق للزميل بوخذير أيضا أن كتب تقارير عن تورّط صهر آخر للرئيس عماد الطرابلسي في تهريب يخوت مسروقة من فرنسا إلى تونس ، فضلا عن تقارير عديدة عن اوضاع حقوق الإنسان في تونس و قمع المواطنين . و قد عُرف إسم الصحفي التونسي المستقلّ سليم بوخذير في عديد وسائل الإعلام التي يكتب فيها من تونس تقارير جريئة ، بينها صحيفتنا و كذلك موقع قناة "العربية" و إذاعة و تلفزيون ألمانيا بالعربي و صحيفة "القدس العربي" و "المصريون" و غيرها . و كانت منظمات حقوقية دولية عديدة قد أدانت بشدة الإعتداء سابقا على الزميل بوخذير بينها الإتحاد الدولي للصحافيين و منظمة "مراسلون بلا حدود" و اللجنة الدولية للدفاع عن الصحافيين بنيويورك . و إثر تصريحات كانت بثّتها له قناة "الحوار" اللندنية مؤخرا إنتقد يها قمع النظام التونسي للصحافيين المستقلين ، كان الزميل تلقّى تهديدات صريحة عبر الهاتف بالقتل .
المصدر : و كالة الأنباء المستقلة "أصوات" بتاريخ 17 جوان 2007 .
الرابط : http://www.aswathura.com/aswat1/list_news.asp?id=12605
وقال رشيد خشانة وهو قيادي بالحزب الديمقراطي التقدمي المعارض لرويترز "أبلغنا اليوم من عديد بائعي الصحف في العاصمة تونس وخارجها ان السلطات عمدت الى شراء كل أعداد اليوم الجمعة من صحيفة (الموقف) لمنع توزيعها."
وأدان خشانة ما وصفه بشراء الصحف لمنع توزيعها معتبرا ذلك تشديدا للقيود على حرية الصحافة.
وتضمن العدد الاخير الصادر من صحيفة (الموقف) في الصفحة الأولى مقالا بعنوان "الدولة تحاصر المجتمع المدني" تحدث عن تعنيف الشرطة لمعلمين بجهة القصرين خلال الأسبوع الماضي.
وصحيفة (الموقف) من بين ابرز صحف المعارضة وتصدر بانتظام وتوزع كل يوم جمعة نحو عشرة الاف نسخة.
وشكا الحزب عدة مرات من مصادرة صحيفته لكن السلطات تقول ان حرية الصحافة مضمونة في تونس وان الموضوعات التي تنشر في صحف المعارضة ابرز دليل على انها لا تمارس اي رقابة.
(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 22 جوان 2007 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
وهي المرة الاولي التي يتطرق فيها لهذا الموضوع في هذا البلد العربي المسلم المنفتح علي الغرب.
وذكرت الصحيفة الاسبوعية ان نحو سبعين شابا اغلبهم من طلبة الجامعات والمدارس الثانوية وبينهم فتاة تبلغ من العمر 14 عاما (...) يمارسون طقوس عبدة الشيطان داخل فضاءات سرية في العاصمة التونسية .
واشارت الي ان اللباس الذي يرمز لهذه الطائفة اصبح مألوفا في الشوارع التونسية ، موضحة ان هذه الفئة تتميز بوضع عصابة سوداء عريضة علي معصم اليد اليمني وارتداء ملابس وقبعات سوداء عليها صور لجماجم بشرية وحمل حقائب واكسسوارات رسمت عليها اشارات معروفة عند عبدة الشيطان .
واشارت الصحيفة الي ان المجموعة تستعمل فيما بينها اسماء غريبة واحد الاعضاء غير اسمه من محمد الي عزرائيل، في حين اختار شاب اخر عنوانا جديدا لمكان اقامته اطلق عليه الباب الاول للجحيم .
وتتمثل الطقوس في ذبح قطط او كلاب وشرب دمائها وممارسة الشذوذ الجنسي الجماعي والرقص علي انغام موسيقي الهارد روك الصاخبة، حسبما ذكرت الصحيفة.
وسيتم خلال منتدي قرطاج للاستثمار الذي يستمر يومي الخميس والجمعة عرض فرص الاستثمار في تونس فيما تسعي لجذب استثمارات اجنبية واتاحة مزيد من امكانيات العمل وتعزيز الصادارت التونسية.
وقالت وكالة النهوض بالاستثمار الحكومية وهي الجهة المنظمة ان المنتدي سيركز علي محور التدويل الاقتصادي الهادف الي ابراز ما توصلت اليه تونس في مجال استقطاب المؤسسات الصناعية الاجنبية التي تعتمد استراتيجية التدويل للحفاظ علي قدرتها التنافسية.
وبلغت قيمة الاستثمارات في تونس خلال السنوات الخمس الماضية حوالي 4.2 مليار دولار. ووفرت هذه الاستثمارات ما يزيد عن 260 ألف فرصة عمل خلال العقد الاخير في بلد يصل فيه معدل البطالة الي حوالي 14.3 بالمئة حاليا.
وتسعي تونس الي ايجاد فرص عمل اضافية لخريجي التعليم العالي الذين يتجاوز عددهم 80 ألفا كل عام وتصل البطالة في صفوفهم الي نحو 60 بالمئة.
وصنف تقرير للمنتدي الاقتصادي العالمي صدر الاسبوع الماضي تونس في المركز الاول في افريقيا من حيث القدرة التنافسية والمركز 29 عالميا من بين 128 بلدا. وأشار التقرير الي ضعف معدل الفساد المالي ومرونة مناخ الاعمال في تونس.
(المصدر: صحيفة "القدس العربي" (يومية – لندن) الصادرة يوم 22 جوان 2007)
تونس: الشراكة في الممتلكات تعزز العلاقات الأسرية
وهذا النظام اخـــتياري، يمكن تطبـــيقه عند عقد القران أو تأجيله إلى وقت لاحق، وهو يجــعل عقاراً سكنياً، مثلاً، (أو أموالاً)، من ممتلكات العائلة أو مقتنياتها بعد الزواج (أو قبله، بحسب الاتفاق)، حقاً مشتركاً بين الزوجين.
ويشرح فارس القب، وهو أستاذ في مادة القانون، أن نظام مشاركة الملكية يسري بموجب اتفاق بين الطرفين وبرضاهما. وكل مشاركة في الملكية على غير الصيغة المعتمدة، تأخذ شكل شركة الملك أو نظام الشيوع. أو يختار الزوجان نظام التفرقة في الأملاك، فيحتفظ كل زوج بما كان يملكه قبل القران أو ما امتلكه خلال مدة الزواج، ولا يتقاسمه مع الطرف الآخر في حال الانفصال.
ويضيف القب أن من مفاعيله تدعيم رابطة الزواج بجعل الملك العقاري وتوابعه، وما له صفة عقار سكني، مشتركاً بين الأزواج. وهذا له أثر في استقرار الزواج، أو ضمان السكن للقرين في حال انتهاء العلاقة الزوجية. ويعتبر هذا النظام مكملاً لنظام «عدم تعدد الزوجات» المعتمد في تونس، ويمنع الزواج من أكثر من امرأة.
ويعطي التشريع التونسي الزوجين فرصة توسيع ملكيتهما المشتركة لتضم كل العقارات المكتسبة ملكيتها قبل الزواج وكل العقارات من هبة أو إرث أو وصية، باستثناء تلك المعدة لاستعمال مهني لأحد الزوجين، (إلاّ إذا نص اتفاقهما خلاف ذلك).
ويتولى الزوجان إدارة الممتلكات المشتركة، وينتفعان منها ويجريان عليها التحسينات. وإذا رأى أحدهما أن الآخر يسيء تدبير الشؤون، بما يؤدي إلى إنقاص قيمة الملكية أو يلحق الضرر بها، له الحق باللجوء الى القضاء المستعجل لاستصدار حكم برفع يد القرين موقتاً عن إدارة العقار.
وتنتهي المشاركة في الملكية بوفاة أحد الزوجين أو فقدانه، أو بالطلاق، أو بالتفريق القضائي بناء على طلب أحدهما، أو بالاتفاق بينهما، بموجب كتاب رسمي.
وأما القسمة فتكون مناصفة بين الزوجين، بعد تسديد الديون أو اقتطاع ما يلزم لتسديدها. وإذا تعرت القسمة عينا، يُسند القاضي الملكية لأحد الزوجين، أو الورثة، مراعاة لوضعه أو وضعهم
من المعروف أن الأساتذة المحاضرين وأساتذة التعليم العالي كغيرهم من الإطارات العليا في الوظيفة العمومية بإمكانهم مواصلة مباشرة عملهم بعد سن التقاعد العادية (60 سنة) وذلك حتى الخامسة والستين، ويطبق هذا التمديد سنويا بمقتضى أمر رئاسي قابل للتجديد خمس مرات، كما أنه بإمكان أساتذة التعليم العالي الذين تجاوزوا الخامسة والستين أو الذين اختاروا الخروج إلى التقاعد في السن القانونية أن تسند إليهم صفة "أستاذ متميز" التي تخول لهم مواصلة نشاطهم العلمي في ميداني البحث والتأطير. ومن المفروض أن يتم العمل بهذه التراتيب على أساس مقاييس علمية وبيداغوجية بحتة وهو ما وقع فعلا طوال تاريخ الجامعة التونسية منذ تأسيسها حتى بداية النصف الثاني من تسعينات القرن الماضي حيث ارتأت الدوائر الحاكمة أن تستغل ما لها من "سلطة تقديرية" استغلالا غريبا فأصبح قرار الموافقة على التمديد أو رفضه وسيلة لتصفية الحسابات مع من ترى في نشاطهم النقابي أو في تعلقهم باستقلاليتهم الفكرية وحرصهم على حريتهم الأكاديمية وعلى حقهم في الرأي والتعبير خروجا عن" الانسجام" و"شقا لعصا الطاعة"..
ومن المفارقات التي أدت إليها هذه الممارسة والتي تثيرالاستغراب والانشغال أنه، وفي الوقت الذي يتم فيه إحالة أساتذة مشهود لهم بالكفاءة العلمية العالية على التقاعد مع منعهم من مباشرة أي تشاط تأطيري أو تدريسي لا سيما في الاختصاصات التي تشكو نقصا فادحا في المدرسين، تسعى مصالح وزارة التعليم العالي جاهدة إلى جلب متقاعدين فرنسيين للتدريس في نفس هذه الاختصاصات (انظر الوثيقة عدد 1)، مع ما يترتب عن ذلك من تكاليف مالية باهضة وانعكاسات معنوية سلبية تضرب نواميس تعامل الإدارة مع الإطارات التونسية وتمس بالكرامة الوطنية...
ومن ناحية أخرى تجدر الملاحظة بأن إخضاع قرار التمديد لإرادة الإدارة هو في حد ذاته وضع غير طبيعي ومخالف للمعمول به في الدول المتحضرة مثل فرنسا وغيرها التي يترك فيها قرار البقاء بحالة مباشرة للاختيار الحر للأستاذ الجامعي فيعتبر آليا في حالة مباشرة كل من لم يطلب التمتع بحقه في الخروج للتقاعد في سن الستين، أما هذا الوضع الطريف الذي تختص به تونس فهو الذي يتخذه منطق الانغلاق مدخلا إلى التصرف الاعتباطي المخالف لمصلحة الجامعة والبلاد والمناقض لنص وروح القانون. كما أنه من المعروف أن التمديد يتم في آخر المطاف بمقتضى أمر يصدر عن رئاسة الجمهورية بناء على مشروع تعده للغرض سلطة الإشراف المباشرة - أي الوزارة – وهو ما يعني نظريا أن المؤسسة التي ينتمي إليها الجامعي والوزارة التي يعود إليها بالنظر قد قامت بدراسة ملفه والتثبت من ملاءمته للشروط المهنية وحتى من الجوانب الأخرى "غير المعلنة" التي من المفروض أن تقع في شأنها مشاورات مسبقة بين مختلف المصالح، كل ذلك في جو من التكتم الإداري يجعل الجامعي الذي ير فض ملفه لا يدري في أي مستوى قد تم ذلك الرفض ولا يستطيع تقديم الأدلة القانونية الدامغة على وجود أسباب غير مهنية للإقصاء الذي تعرض له رغم اقتناعه العميق بأنه ضحية لمظلمة، فيحتج وتحتج معه نقابته ويجاب بمثل ما أجاب به الوزير وتقف الأمور عند ذلك الحد حتى السنة الجامعية الموالية...
كأن من يعمل أكثر هو الذي يرفض له التمديد...
إلا أن الأطوار التي عرفتها آخر قضية إحالة غير عادية على التقاعد- وهي قضية السيد أحمد إبراهيم، أستاذ التعليم العالي بكلية منوبة- قد جاءت لتسلط أضواء جديدة تسمح بتحديد المسؤوليات بصفة لا تترك مجالا للشك.
فقد ورد اسم هذا الأستاذ في جانفي 2006 ضمن قائمة بعثتها الوزارة إلى عمادة الكلية في بداية جانفي 2006 تتعلق بالمدرسين المعنيين بالتقاعد اعتبارا من 01 -10-2006 مع مراسلة تطلب من العميد أسماء المرغوب في التمديد لهم بعد موافقتهم. وعند اتصال العميد به في الموضوع وجده غير متحمس لتعريض نفسه للاصطدام بما اصطدم به في السابق زملاء معروفون ولم يتخل عن رفضه التعبير عن استعداده للبقاء بحالة مباشرة إلا بعد مناشدات متكررة وملحة صادرة عن زملائه وعن رئيسة قسم الفرنسية وعن العميد نفسه، الذي بعث له رسالة رسمية جاء فيها بالخصوص "فالمرجو مدي بطلب منكم للتمديد... وذلك لحاجة الكلية إلى مواصلة خدماتك الجليلة التي قدمتها للبحث والتأطير والتدريس بالجامعة التونسية" كما أبلغه مراسلة من الوزارة توحي بأنه سيتم اعتماد مقاييس أكاديمية حيث تطلب من الأساتذة المعنيين بطاقة إرشادات حول مهام التأطير التي يتولونها إي "الرسائل والأطروحات المشرف عليها خلال السنوات الجامعية الخمس الأخيرة". وبناء على ذلك قدم السيد أحمد إبراهيم بتاريخ 18 جانفي 2006 تقريرا حول ما يزيد عن الخمسين رسالة وأطروحة أشرف أو يشرف عليها في المدة المذكورة وهو عدد يحتوي في حد ذاته على أكثر من معنى ويغني صاحب الملف عن ذكر ما أصدره من كتب وما نشره من بحوث في المجلات العلمية التونسية والخارجية علاوة على تأسيسه لوحدة بحث في اللسانيات الفرنسية والعربية والعامة تضم عشرات الباحثين وظل يشرف على إدارتها منذ أكثر من عشر سنوات طبقا لبرامج بحث تتجدد باستمرار كان آخرها برنامجا وافقت عليه الوزارة حتى نهاية سنة... 2008.
ومع انتهاء تلك السنة الجامعية ودخول السنة الجديدة أجرى الأستاذ عديد الاتصالات بالسلط المعنية في الكلية والجامعة وإدارة التعليم العالي بالوزارة وفي كل مرة كان يجاب بأن قرار التمديد له أمر موثوق منه، بل إن رئيسة قسم الفرنسية والكاتب العام للكلية أمداه بناء على ذلك بجدول أوقات رسمي شرع بموجبه في التدريس منذ الأسبوع الثاني من سبتمبر ثم أعاد الاتصال في آخر الشهر برئيس الجامعة الذي أكد له من جديد أنه تقرر إبقاؤه بحالة مباشرة وأن الأمر المتعلق بذلك سيصدر عما قريب بالرائد الرسمي، فواصل عمله خلال شهري أكتوبر ونوفمبر كما نظم بالكلية ندوة علمية بالاشتراك مع جامعة فرنسية وشارك بناء على استدعاءات رسمية في مداولات لجنتي الماجستير والدكتورا واجتماعات مجلس الجامعة بوصفه عضوا منتخبا فيه وأعمال لجنة الإصلاح "أمد" بالوزارة، أي أن الجميع من قمة سلطة الأشراف إلى القسم الذي ينتمي إليه قد تعاملوا معه تعاملا طبيعيا بوصفه أستاذا بحالة مباشرة، حتى كانت المفاجأة يوم 30 نوفمبر حين اتصلت به المصالح الإدارية بالكلية لتمده بنسخة من قرار مؤرخ في 20 نوفمبر يقضي بإحالته على التقاعد ويطبق بمفعول رجعي ابتداء من...01 أكتوبر 2006.
إن أول ما يلفت الانتباه في هذا القرار غير المعهود هو خرقه الصارخ للنواميس الإدارية والقوانين المعمول بها وخاصة منها قانون 5 مارس 1985 الذي ينص فصله السادس على أنه "تقع الإحالة على التقاعد من طرف رئيس الإدارة أو المؤسسة التي ينتمي إليها العون ويقع توجيه نسخة من القرار إلى المعني بالأمر والصندوق القومي للتقاعد والحيطة الاجتماعية وذلك ستة أشهر قبل بلوغ العون السن القانونية للتقاعد". فكانت للقرار انعكاسات سلبية مباشرة على المعني بالأمر حيث قطعت جرايته وبقي طيلة أشهر بدون أي مورد رزق في انتظار إتمام الإجراءات مع صندوق التقاعد بل إن الفترة التي قضاها في العمل منذ بداية السنة الجامعية قد اعتبرت كأنها لم تكن وقيل له أن عليه إرجاع ما تقاضى في مقابلها من أجر، كما كانت لهذا القرار عواقب وخيمة على المؤسسة والطلبة اشتكت منها الهياكل العلمية للكلية حيث تضمن محضر جلسة اجتماع قسم الفرنسية بكلية منوبة ( الذي انعقد حال علمه بالخبر)" احتجاج أعضائه على قرار سلطة الإشراف" لأنه أحدث فراغا "مفاجئا يكاد سده يكون مستحيلا في السنة الجامعية الحالية" و لم يأخذ في الاعتبار لا مصلحة الطلبة ولا مصلحة الأستاذ، الذي " له وزن خاص بوصفه أحد أهم الأخصائيين في ميدان اللسانيات". كما جاء في محضر جلسة المجلس العلمي للكلية المنعقد يوم 13 ديسمبر أنه بإحالة الأستاذ أحمد إبراهيم المفاجئة على التقاعد " حصل فراغ علمي كبير بالكلية انعكس سلبا على الطلبة في مستوى الأستاذية والماجستير والدكتورا وكذلك في مستوى الجامعات الأجنبية التي تربطنا بها علاقات علمية".واستغرب أعضاء المجلس عدم تمديد العمل للزميل ورأوا أنه "غير جدير بأن يحال على التقاعد في مثل هذا العطاء الذي تستفيد منه الكلية خاصة في تكوين المكونين" كما استغربوا " أن يكون رفض التمديد مرتبطا بأشخاص قدموا للجامعة الكثير وما زالوا قادرين على إفادتها فكأن من يعمل أكثر هو الذي يرفض له التمديد". والذي ثبت لدينا بعد اتصالنا بأوساط جامعية عليمة هو أن الارتباك الكبير الذي أدخله القرار على المؤسسة قد ظل متواصلا حيث لم يتسن تعويض الأستاذ في دروس التبريز واختصاص اللسانيات بالماجستير كما لم يقع تعويضه في الدروس الأخرى إلا في نهاية شهر فيفري أما الطلبة الذين كان يشرف على أطروحاتهم ورسائلهم فقد بقوا دون مؤطر ووحدة البحث التي كان يديرها قد بقيت معطلة...
رفع قضية لدى المحكمة الإدارية في تجاوز السلطة
أمام هذه الوضعية الغريبة لم يبق السيد أحمد إبراهيم مكتوف اليدين فباد ر يوم 09 ديسمبر ببعث رسالة مفصلة إلى وزير التعليم العالي يطلب فيها منه إعادة النظر في قراره نظرا إلى ما فيه من خرق للقانون ومنافاة للمقاييس العلمية والأكاديمية ولمبادئ الإنصاف، وهي رسالة قد بقيت دون رد كما باءت بالفشل كل المحاولات المتكررة التي قام بها الأستاذ لمقابلة الوزير، الأمر الذي أدى به في آخر شهر جانفي الماضي إلى رفع قضية ضده لدى المحكمة الإدارية من أجل تجاوز السلطة، وهي على حد علمنا المرة الأولى التي تطرح فيها بهذا الشكل مسألة تعامل الإدارة مع التقاعد والتمديد لأساتذة التعليم العالي أمام القضاء.
هذه القضية ما زالت لم يتم البت فيها بعد، إلا أن رد مصالح الوزارة المؤرخ في 29 مارس 2007- الذي وصل إلى الشاكي عن طريق المحكمة- يحتوي على وثائق هامة منها بالخصوص المراسلة التي تلقتها وزارة التعليم العالي من الوزارة الأولى بتاريخ 14 نوفمبر 2006 حول مسألة التمديد للأستاذ المذكور(انظر الوثيقة عدد 2). فما الذي تضمنته هذه الوثيقة وما هي الاستنتاجات التي يمكن الخروج بها منها ؟
الواضح من هذه المراسلة هو أن وزارة التعليم العالي قد طلبت إبقاء السيد أحمد إبراهيم في حالة مباشرة بناء على تقييم إيجابي لملفه العلمي وأدائه الجامعي وعلى حاجة المؤسسة إلى خدماته وأنها قد تعاملت معه على أساس عزمها على إبقائه مع ما يترتب عن ذلك من تبعات قانونية وفعلية سواء في خصوص دعوته من قبل المصالح التابعة لها إلى مواصلة القيام بواجباته في التدريس والتأطير وغيره من المهام العلمية والبيداغوجية أو فيما يتعلق بقرار إدارة كليته بتخصيص جدول أوقات رسمي له أو بمواصلة صرف جرايته من قبل المصالح المالية للجامعة بعد 01 أكتوبر 2006.
كما أنه يتبين من نفس المراسلة أن مصالح الوزارة الأولى قد قامت من ناحيتها بإعداد "مشروع أمر قصد الإمضاء والنشر يتعلق بإبقاء الأستاذ" بحالة مباشرة وأن مصدر رفض هذا الاقتراح إنما هو المصالح المعنية بالإمضاء أي مصالح رئاسة الجمهورية.
فعلى أي أساس يا ترى وبناء على أية مقاييس قد اتخذت تلك المصالح قرارها برفض التمديد رغم حاجة المرفق العام لخدمات السيد أحمد إبراهيم بشهادة المسؤولين بكليته من رئيسة قسم وعميد ومجلس علمي وبشهادة الجامعة ووزارة الإشراف حسبما يدل على ذلك السعي لاستصدار الأمر بإبقائه بحالة مباشرة؟
نحو تحديد المسؤوليات وتدارك مظاهر الحيف
للإجابة على هذا السؤال من المفيد التذكير هنا برد وزير التعليم العالي على استفسار حول مظاهر الحيف في هذه المسألة، حيث قال: "أريد أن أشير أنه (أي التمديد) يتم بصفة تكاد تكون آلية لمن يستجيب والاستجابة رهينة توفر جملة من الشروط التي تحوم كلها حول الأداء الجامعي وحول التأطير وحول القيام بالواجبات. هذه هي الضوابط والاستثناءات نادرة وإن وقعت فإنها تتم لأسباب مهنية بحتة ولا داعي إلى إشاعة الأفكار التي مفادها أن هناك قوى وموازين وأنه يستجاب لهذا الطلب ولا يستجاب لذلك، فالكل يعلم ونحن نعلم بصفة خاصة ورؤساء الجامعات يعلمون أن الأشخاص الذين أحيانا لا يستجاب لدعوات التمديد بالنسبة إليهم قد قصروا في هذا الجانب أو ذاك من جوانب ممارستهم لمهنتهم" (مجلس النواب، جلسة يوم 30 نوفمبر 2006، الرائد الرسمي ص 418).
ودون الدخول في جدال هنا حول علاقة ما جاء في هذا التصريح بحالات رفض التمديد الأخرى التي تعرض لها أساتذة مشهود لهم بالكفاءة وحتى بالامتياز، فإن ما لا يدع مجالا للشك هو أن الوزارة قد اعتبرت المقاييس" المهنية البحتة" وشروط" الأداء الجامعي والتأطير والقيام بالواجبات" التي يعنيها السيد الوزير متوفرة توفرا كاملا في السيد أحمد إبراهيم. وحيث أن أحكام الفصل 24 جديد من القانون عدد 71 لسنة 1988 تقتضي أن يتخذ الأمر المتعلق بالتمديد بناء على تقرير معلل من الوزير المعني، فإن الاستنتاج الوحيد الذي يمكن الخروج به هو أن رفض الإمضاء علي مشروع الأمر الذي أعدته الوزارة الأولى بناء على تقرير وزارة التعليم العالي لا يمكن فهمه إلا بأنه قد تقرر بناء على أسباب تخرج عن النطاق المهني وتندرج في النطاق السياسي البحت نظرا إلى أن المقصود بهذا الرفض هو وجه سياسي معروف بانتمائه للهياكل القيادية لحزب معارض هو "حركة التجديد" بل هو أمين عام مساعد لهذه الحركة.
ثم إن اصطباغ قرار رفض التمديد بصبغة سياسية بارزة ترمي إلى إخضاع هذا الأستاذ الجامعي إلى معاملة تكتسي الميز تؤكده تأكيدا جليا صيغة مراسلة الوزارة الأولى إلي وزارة التعليم العالي ( الوثيقة عدد 2) إذ هي ختمت بختم "سري"، وهو ما يدل على أن أسبابها وخلفياتها لا تمت للجوانب الإدارية أو المهنية بأية صلة وأن أغراضها ودواعيها هي ما لا يقبل القانون التصريح به لأن فيها تنكر لواجب حياد الإدارة وخرق لواجب تقيد المرفق العام بمبدأ الإنصاف والمساواة في معاملة المنتمين إليه أو المنتفعين بخدماته كما فيها عدم احترام لالتزام الإدارة بعدم اعتماد الانتماءات الفكرية أو السياسية في معاملة أعوانها طبقا لما نص عليه صراحة الفصل 10 من قانون الوظيفة العمومية (01 ديسمبر 1983) من أنه " لا يمكن بأي حال أن يتضمن الملف الشخصي (للموظف) ما يشير إلى الأفكار السياسية أو الفلسفية أو الدينية للمعني بالأمر".
ولئن كان من الثابت أن رئاسة الجمهورية تمارس في موضوع كهذا ما يطلق عليه مصطلح "السلطة التقديرية"، إلا أن ذلك لا يعني البتة سلطة مطلقة لا تتقيد بواجب احترام تلك المبادئ القانونية وضرورة التحري لتجنب كل ما قد يحدث من خطأ في التقدير أو انحراف بالسلطة.
ونحن من ناحيتنا لا نستبعد أن يكون ما حصل من حيف أمرا ناتجا عن خلل ما في قنوات الاتصال داخل مصالح رئاسة الجمهورية دون علم لرئيس الدولة شخصيا بتفاصيل الملف، ولا نريد أن نفقد الأمل في إمكانية تدارك هذا الوضع غير اللائق بتونس القرن الواحد والعشرين وذلك احتراما للقانون، واجتنابا لكل شكل من أشكال التداخل غير السليم بين ما هو إداري وأكاديمي من جهة وما هو سياسي أو سياسوي من جهة أخرى، ومراعاة لنواميس التعامل المتحضر بين الأطراف السياسية الوطنية، وتقديرا لدور إطاراتنا وطاقاتنا العلمية وخدمة لمصلحة جامعتنا وطلبتنا.
لذلك نتوجه بنداء ملح إلى رفع المظلمة التي تعرض إليها الأستاذ أحمد إبراهيم ومن وراء ذلك إلى إعادة النظر في كيفية التعامل مع مسألة التقاعد والتمديد لأساتذة التعليم العالي ومع الجامعيين بوجه عام وذلك في إطار التشاور مع نقابتهم وفي اتجاه عقلاني يحمي الحريات الأكاديمية ويعطي الكفاءات العلمية المكانة اللائقة بها وبما تمليه متطلبات نهضة بلادنا الثقافية والحضارية.
"الطريق الجديد"
المصدر: الطريق الجديد عدد 61 - جوان 2007
حاوره: الهادي بريك ـ ألمانيا ـ الحوار.نت
الجمعة 22/06/2007
المناسبة : إنتقل الأستاذ محمد نجيب الشابي ( عضو هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات بتونس ) إلى باريس لحضور إجتماعين :
أولهما : الذكرى الخمسون لإعلان الجمهورية (1957)
ثانيهما : إجتماع داخلي لهيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات (إجتماع مشترك بين الهيئة الوطنية بتونس وهيئة باريس ).
الأستاذ نجيب الشابي :
من أبرز الوجوه السياسية التونسية على مدى العقود المنصرمة ترأس الحزب الديمقراطي التقدمي (حزب سياسي معترف به ) لسنوات طويلة ثم تنحى مفسحا المجال لفعاليات شابة جديدة وهو مؤسس لحركة 18 أكتوبر المنبثقة عن الإضراب المطول عن الطعام قبل حوالي عامين بمناسبة إنعقاد مؤتمر الإعلامية بتونس في حركة إحتجاجية على تدهور منسوب الحريات السياسية في البلاد إلى درجة غير مسبوقة ( تشكلت تلك الحركة فيما بعد ضمن تكتل لبعض قوى المعارضة ـ ومنها الإسلامية ـ تحت إسم : هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات).
وعد الأستاذ الشابي الحوار.نت بحوار شامل حول قضايا سياسية وثقافية وإعلامية وحقوقية في الشأن المحلي والعربي والدولي بعيد رجوعه إلى تونس وترتيب بعض الأوضاع الخاصة.
نص الحوار :
الحوار.نت : مرحبا بك أستاذ نجيب ضيفا على موقعنا الحوار.نت.
الأستاذ الشابي : شكرا لكم على إستضافتكم الكريمة.
الحوار.نت : أستاذ نجيب هل تطلع قراءنا الكرام على بعض نتائج الإجتماعات التي شددت إليها الرحال من تونس؟
الأستاذ الشابي : بخصوص الإجتماع الأول المتعلق بالذكرى الخمسين لإعلان الجمهورية في تونس فإن المجتمعين إنتهوا بعد حوارات إلى تقويم نقدي ورفض للنظام السياسي في تونس بسبب عدم إنبنائه على الحريات والديمقراطية من مثل الفصل بين السلطات فضلا عن مزاولة الحكم الفردي المطلق وتزوير الإنتخابات وإخضاع الجمعيات والأحزاب لترخيص من وزير الداخلية فكان التقويم إذن نقديا سلبيا. كما كان هذا الإجتماع مناسبة لتوجيه إنتقادات للمعارضة التونسية حول ما يمكن أن يسمى تقصيرا من جانبها تمثل في الإنغلاق عن نفسها أحيانا بينما يعيش المواطن حالة من الإحباط والقمع وهي إنتقادات بلغت درجة من الحدة أحيانا. وهو إنغلاق لا تبرره السياسة الأمنية للسلطة بمثل ما تتعرض له الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان منذ أسابيع من تضييق على مقراتها ومحاصرة لقياداتها كما أكد المجتمعون في الختام على أن المعارضة متمسكة بوحدتها ضمن هيئة 18 أكتوبر ووضع أرضية لعلاقة أرقى وأرفع بين مكوناتها وعازمة على بناء تصور لموعد 2009 الخاص بالإنتخابات الرئاسية فيما بقي من مدة تفصلنا عن ذلك الإستحقاق في الحد الأدنى المتاح.
أما بخصوص الإجتماع الثاني فهو إجتماع داخلي لهيئة 18 أكتوبر ( إجتماع مشترك بين الهيئة الوطنية في تونس وهيئة باريس ). تناول الإجتماع ثلاثة محاور كبرى هي : تقويم عمل الهيئة والعلاقة بين الهيئتين والمهام الخصوصية لهيئة باريس.
فيما يتعلق بهيكلة هيئة باريس إنتهى الإجتماع إلى إقرار عدد من الإجراءات لدعم الهيئة من مثل إنتداب إداري متفرغ لهذه المهمة وكراء مقر وإنشاء موقع إلكتروني للهيئة الوطنية يدار من باريس وكذلك ضبط دورية مناسبة لإجتماع الهيئتين ودعم الإهتمام بالعلاقات الدولية أما فيما يتعلق بالعلاقة بين الهيئتين فقد وقع الإتفاق على علاقة تشارك وتوافق في القرارات الكبرى وإتفق المجتمعون على تنظيم لقاء قادم بعد شهر رمضان المعظم وكتقويم عام فإن إجتماع الهيئتين في باريس كان فرصة جيدة لإعادة الحيوية لهيئة باريس.
الحوار.نت : أستاذ نجيب يرى بعض المراقبين بأن هيئة 18 أكتوبر ( الهيئة الوطنية ) إنحرفت عن مسارها بخوضها بمناسبة عيد المرأة في الثامن من مارس المنصرم في قضايا ثقافية خلافية بين بعض مكونات الهيئة وهو ما يهدد بتفجيرها سيما أن ميثاقها الأساسي بني على قاعدة النضال من أجل الحريات السياسية والإعلامية ضمن ما عرف بعناوينها الثلاثة الكبرى حول المساجين والإعلام وحرية التنظم. كيف ترى الأمر؟
الأستاذ الشابي : حدث لبس كبير بهذه المناسبة وكان إجتماع باريس الأخير بين الهيئتين فرصة لمحاولة إزلة ذلك اللبس. في الحقيقة لم يقع إنحراف إذ بالرجوع إلى الوثائق الأساسية الصادرة عن الإضراب الشهير قبل عامين وكذلك إلى إعلان ديسمبر من العام نفسه 05 نجد أن حركة 18 أكتوبر تقف على رجلين : أولهما المطالب الثلاثة المعلن عنها وهي مطالب الحد الأدنى أو مطالب تحريرية في حدها الأدنى إذ المطلوب في الحقيقة هو بناء تكتل سياسي لقوى المعارضة من أجل إحلال التغيير الديمقراطي في البلاد. أما ثاني الرجلين فهو إقامة الحوار الكفيل بتوفير علاقة واضحة وإستراتيجية ودائمة بين تلك المكونات وهو حوار يهدف إلى دحض إتهامات سابقة من مثل أن عودة الإسلاميين إلى الحياة السياسية يهدد النظام المجتمعي كما يهدف إلى توضيح تلك الخلافات لصياغة عهد ديمقراطي وإقامة الحجة على الغلاة من العلمانيين في تونس وعلى السلطة.
لذلك حددت الهيئة منذ الأيام الأولى لنشأتها عددا من المحاور ( عددها أربعة ) وهي :
ـ المساواة بين الجنسين ( بغرض الإبانة عن كون عودة الإسلاميين إلى العمل السياسي لا يشكل تهديدا لمكاسب المرأة ).
ـ حرية الضمير والمعتقد.
ـ السلامة الجسدية للمواطن.
ـ علاقة الدين بالدولة في المجتمع المسلم الحديث.
نحن نرى أن ذلك الحوار ـ إضافة إلى الواجب العملي للهيئة ـ من شأنه أن يساهم في صياغة عهد ديمقراطي بين أركان المعارضة بما يؤكد التوافق بينها سواء إقنتعت السلطة بذلك أم لا وذلك بسبب أن الإستقرار المنشود أساسه التوافق الوطني العريض.
يبدو لبعض الملاحظين بأن الهيئة إستبدلت العمل بالحوار وهذا ليس صحيحا أو دقيقا. عمل الهيئة يتعرض كما يدرك الجميع لمصادرة السلطة كما تعثر الحوار الداخلي بيننا نسبيا لأن أطرافه لم تكن مرتاحة بنفس القدر.
مثار ذلك اللبس هو بيان الثامن من مارس الأخير والحقيقة أن بيان الثامن من مارس صيغ صياغة قانونية ولم يتدخل في الشأن الثقافي.
إنطلق الحوار الداخلي بيننا حول المحور الثاني ( حرية الضمير والمعتقد ) وقدمت أطراف
الحوار ورقاتها وكان من المزمع أن تعقد جولة أولى في هذا الحوار ولكن منعته السلطة ونحن ماضون ومصرون على نقاش ذلك في الأسبوع المقبل إن شاء الله ثم تصاغ ورقة أولية ترسل إلى الأطراف والأحزاب المشاركة في الهيئة بغرض النقاش الداخلي الموسع فإذا أجيزت الورقة بالتوافق فبها ونعمت وإلا أرجأنا ذلك حتى فرصة مناسبة وفي الأثناء نمر إلى المحور التالي. ذلك هو عمل الهيئة مع مسؤوليتها في دفع الحوار الوطني.
الحوار.نت: شكرا جزيلا للأستاذ محمد نجيب الشابي على ما أولانا به من حوار سريع خاطف آملين أن نلقاه في حوار موسع شامل صريح في ملفات وطنية وعربية ودولية أخرى عما قريب إن شاء الله تعالى.
(المصدر: موقع "الحوار.نت" (ألمانيا) بتاريخ 22 جوان 2007)
الحمد لله وحده
كلمة لجنة المساندة في لقاء الأستاذ محمد النوري
مع المحامين يوم الخميس بدار المحامي بتونس
تلاعبت الأهواء بمهنتنا النبيلة
وغلبت عليها الولاءات "المشبوهة" لغير الولاء "المحمود"
ودب الوهن في أوصالها
وفترت نخوة المحامي
وضيقت سبل عيشه الكريم
حتى صار مهددا بالجوع
وتآكلت سبل العيش
كما أكلت دابة الأرض منساة سليمان
هنا انتفضت الإرادة الحرة
والعزة المتأصلة
والغيرة المشبعة بالرصانة
و الحكمة المتوجة بالاعتدال
فأفرزت برنامجا طموحا
يجسد تلك المعاني أحسن تجسيد
إذ يدعو للوحدة وفي الوحدة قوة ومناعة
ويدعو للإصلاح وفي الإصلاح منهج وضرورة
وقد عرفتم صاحبكم وخبرتموه
طيلة مسيرته المهنية والحقوقية والوطنية
وعرفتم التزامه ونزاهته وكفاءته
حين تحمله طوعا وتطوعا لشتى المسؤوليات والمهام
فكانت ثمرتها رص الصفوف والتحامها
ذاك هو الابن البار للمهنة
زميلكم الأستاذ محمد النوري
الذي آلى على نفسه أن يعمل من أجل
إنقاذ المهنة والحفاظ على كرامة أصحابها
وتأهيلها لتواكب التطورات السريعة من حولنا
والحرص على إحاطة المحامين بالرعاية
المتعددة الأبعاد لكي يتمكن من الاضطلاع
بواجبه في الدفاع وهو مطمئن آمن على نفسه وماله وأهله
عسى الله أن يوفقنا جميعا في إثراء هذا البرنامج
كمنطلق للتفكير وبداية لخير يعم الجميع
فلنتضامن سويا لإنجاحه
والله ولي التوفيق
الأستاذة إيمان الطريقي
تونس
منحة رئاسية للنساء الديمقراطيات: هذه رشوة وليست مؤشر انفراج
مرسل الكسيبي (*)
القرار الرئاسي التونسي برفع الحظر عن الدعم المالي الأوربي للجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ثم ارفاق ذلك القرار باسناد منحة مالية رئاسية من الخزينة العامة للدولة بمقدار خمسين ألف دينار تونسي , جاء في توقيت متزامن مع الاعلان عن تأسيس جمعية ثقافية للدفاع عن اللائكية من بين طاقمها القيادي وجوه بارزة في نفس الجمعية التي وقع مكافءتها ماليا من قبل مؤسسة رئاسة الجمهورية ...
حدث بارز وذو دلالات تستحق التعليق والتحليل والبيان مادامت النساء الديمقراطيات قد سبقن تاريخ اسناد هذه المكافأة المالية بالتوجه بطلب في المساعدة المادية بواسطة السيد منصر الرويسي أحد الوزراء السابقين وأحد الوجوه السياسية ذات الخلفية اليسارية الماركسية المقربة جدا الى قصر قرطاج ...
المنحة المقدمة الى الجمعية المذكورة قوبلت بترحيب كبير تجلى في رسالة شكر وتقدير الى السيد رئيس الجمهورية زين العابدين بن علي , وهو ماعنى أن التحالف القائم بين الحزب السري ذي الخلفية اللائكية المتشددة والأجهزة الرسمية للدولة قد خرج هذه المرة للعلن ولم تعد تحكمه قواعد التخفي أو الاستحياء في التعامل بين بعض الأطراف اليسارية النافذة وبين هياكل الحزب الحاكم ومؤسسات الدولة التونسية .
لم يكن هذا الحدث الرسالة الأولى من نوعها في التواصل بشكل علني بين أطراف تحسب على اليسار المتشدد والمناوئ للتيار العربي والاسلامي في تونس وبين مؤسسة الرئاسة , بل انه سبق للسيد منصر الرويسي أن حمل وقبل أشهر قليلة فقط رسائل رئاسية تضامنية مع السادة محمد الشرفي والسيد الحلواني وهما شخصان يحسبان على قيادة التيار اللائكي في تونس .
تتزامن هذه الأحداث المتتالية ذات الدلالات العميقة مع حملات منظمة وحاقدة ضد المحجبات في الجامعات وكافة المؤسسات العمومية , كما أنها تتساوق زمنيا مع حملات اعتقال بالشبهة وبغير الشبهة في حق المئات من الشبان حديثي التدين وممن يحسبون على مايسمى بالصحوة الثانية في تونس , أي الذين تأثروا في تدينهم بالأستاذ عمرو خالد والأستاذ محمد حسان والشيخ أبو اسحاق الجويني ...وغيرهم من رموز الاعلام الاسلامي على قنوات اقرأ والناس ...
مكافات مالية لعناصر وجمعيات معادية جدا للحضارة العربية الاسلامية لتونس , ورسائل شكر وتقدير وربما غزليات سياسية رسمية وغير رسمية ..., في وقت تنهش وتفترس فيه الة التعذيب أجساد شباب غض ليس له من ذنب سوى اعتزازه بانتمائه لهوية تونس وانتمائها العربي والاسلامي المعتدل أو تألمه لبعض قضايا العرب المسلمين في هذا القطر أو ذاك ...
حرص شديد على الانتقام والتشفي من قادة وأعضاء حزب النهضة الاسلامي المعتدل عبر استبقائهم في سجونهم وعذاباتهم رهينة للمساومات والاستحقاقات السياسية القادمة ..., ومحاصرة تصل أحيانا الى حدود التجويع والحرمان من حق الدراسة والعلاج والعمل والسفر والاقامة مع الأهل في حق من افرج عنهم من سجناء هذه الحركة ...
منع لمؤتمر الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان من الانعقاد ,وملاحقة ومطاردة لكوادرها عندما يهمون بالاجتماع من أجل تدارس وضع هياكلهم أو الوضع الحقوقي بالبلاد ...
تواصل ممارسات التعذيب داخل مراكز الاعتقال الى حد فقدان الذاكرة كما هو حاصل مع السيد وليد العويني , وسوء تغذية متعمد لسجناء الرأي , وحرمان قصدي لبعضهم من الدواء والعلاج كما هو الشأن مع السيد فرج الجمي ...
محاصرة عناصر المجلس الوطني للحريات وملاحقتهم في كل مكان وتهديدهم بالويل والثبور , وحرمان للأحزاب القانونية المناضلة من الاجتماع والمشاركة السياسية الشفافة والعلنية , مع وعيد مستمر بالنكال للتيارات السياسية الفاعلة والمحظورة بحكم "الأمن" وليس بحكم القانون ...
دفوعات مالية ضخمة وغير معلن عنها لقنوات فضائية عربية تبث من العاصمة لندن ولادعوى لذكرها فصلا , من أجل التسويق للوجه الحقوقي والسياسي السيء عبر ابراز محاسن اجتماعية واقتصادية هدفت الى اسكات حقنا في التعبير والوجود داخل تراب الوطن في مقابل الحديث عن نصف الكوب الملان ونسيان النصف الاخر ...!
تحريك للنقاشات الملغومة داخل التيارات المعارضة الفاعلة قصد تمزيقها وتفتيتها في مقابل سياسي لايتجاوز أن يكون أكثر من رميم العظام ..!
عندما يحدث كل هذا في تونس وغيره مما عزفنا وطنية ومحبة خالصة في بلدنا عن ذكره وتفصيله , ويتزامن كل ذلك مع مكافأة مالية للنساء الديمقراطيات ورفع الحصار المادي عن الدعم الأوربي لهذه الجمعية بقرار رئاسي لم يصدر مثله في حق غيرها من هيئات المجتمع المدني , ثم تقابل هذه المنحة الملغومة برسالة شكر لأعلى هرم السلطة ..., حينها لايمكن أن نقول عن هذه المنحة الا أنها كانت رشوة سياسية من أجل تجنيدهن-أي النساء الديمقراطيات- في اطار أجندة تمثل الوجه المدني الاخر للمواجهة الأمنية , وحينها نخشى أن تصبح الجمعية النسائية المذكورة وجها قمعيا اخر ,نتمنى ألا يحمل في الشارع السياسي التونسي تظرفا وتندرا مسمى النساء المرتشيات ...!
خلاصة القول أن مبلغ الخمسين ألف دينار الذي تلقته نساء تونس الديمقراطيات كان في تقديرنا مشروعا للرشوة السياسية لدى الطرف الاخر ولم يكن مؤشرا على الانفراج , واذا ماأرادت السلطة تسفيهنا وهو مانتمناه من باب ادخال البلاد في حقبة من الاصلاح السياسي , فعليها التعويض لكل سجين سياسي قضى أحلى وأجمل سنوات عمره في المنفى أو وراء القضبان بمبلغ مماثل -وعن كل فرد-وبمقدار موازي قيمته "خمسون ألف دينار" ...!
(*) رئيس تحرير صحيفة الوسط التونسية
(المصدر: صحيفة "الوسط التونسية" (اليكترونية - ألمانيا) بتاريخ 22 جوان 2007)
nasrbenhadid@yahoo.fr
لقيني أحد المعارف الذي لا ألاقيه سوى من باب الصدفة، وعلّق على ما كتبت مراسلا السيّد نذير عزّوز، معربًا عن امتعاضه من استخدامي تعبير «الشرذمة الفاشلة [حقيقة]»، ليس من باب موافقته جماعة سليمان أو اتّفاقه معها [كما أعلن وأكّد]، بل حين يرى أن ليس من حقّي ـ من باب الأخلاق كما يرى محدّثي ـ أن أثور عندما يستعمل رئيس تحرير أسبوعيّة «الإعلان» هذا التعبير وأسمح لنفسه باعتماده، خاصّة وأنّ أعضاء هذه الجماعة لا يمكنهم الاطّلاع على الردّ وليس في مقدورهم إبداء الرأي...
معادلة هي على قدر كبير من الوضوح ومشهد لا يحتمل اللبس سواء على مستوى المواقف الشخصيّة [المبدئيّة] أو القدرة والحقّ في نقد الآخرين وإبداء الرأي فيهم أو منهم.
وجب الاعتراف بدءا أنّ اللعبة ـ إن كانت هكذا رغم خطورة أبعادها الماديّة والمعنويّة والأخلاقيّة ـ لا تكمن على مستوى «الحقيقة» التي تكون بحساب ما نملك من قدرة على إظهارها وتبيانها وليس في ارتباط بوجودها، بل على مستوى «الاستنطاق » [على الطريقة المحليّ] وما قد نجتمع عنده أو نتفرّق بسببه من قناعات.
وجب الاعتراف أيضا وأساسًا أنّ المعادلة لا تكمن ـ رغم عدم الوضوح أحيانًا في أبعادها وثوابتها ومتغيراتها ـ في إقناع الآخر مهما كان، بل في التموضع ضمن هذه المعادلة من خلال مشهد «الذّات/الآخر» وما في الأمر من تقاطعات وما تحمل الرؤية بحساب «المنظار» من معرفة وما تؤدّي هذه المعرفة من إدراك، وما يلزم هذا الإدراك من وعي بالضرورة... هذه الضرورة التي كانت ولا تزال السبب الأوّل لهزّ العالم من نقطة إلى أخرى وبالتالي من قناعة إلى أخريات، ومن موقف إلى نواقضه ربّما؟؟؟؟
بدءا، وتجاوزًا للأبعاد التنظيريّة البحتة والأبستبمولوجيّة الصرفة، التي قد تؤدّي دورًا ولا تؤتي ـ في آنها ـ ثمرًا أو أكلا، وجب القول أن المبدأ والمنطلق يكونان من خلال الاتّفاق بخصوص عدد من الثوابت التي تجمعنا أو على الأقلّ تجمعنا لحظة البثّ وفعل التلقّي، ومن ثمّة يكون النقاش ضمن «الذات» أو هي «ذات واحدة» [حقيقيّة كانت أو مفتعلة] بما تحمل من مرتكزات وتملك من أدوات فعل وشروط البقاء، أو أنّنا في حالة انفكاك عن بعضنا البعض، أو قد ينفكّ الواحد منّا بين اللحظة والأخرى، حين يتقاطع الزمن بالمادّة أو هما يفترقان عادة ويتضادان أحيانًا.
إذا أعدنا الحياة ورجعنا بالوجود إلى دائرة «الآن وهنا» [المنشودة] وحصرنا السياسة في بعد «تأويل الواقع» [المنشود] وليس قول «الحقيقة» كما يحمل الرعاع وتبغي الغوغاء، يكون من البسيط بل من اليسير والسهل، ومن ثمّة المفيد أن نحمل المعادلة ـ معادلة «الذات/الآخر» ـ على محمل واحد جليّ وواضح وبيّن، معادلة كيان من عدمه ووجود في أبعاده الماثلة أمامنا، المنفصلة أو هي المستقلّة عن مرجعيّات هذه «الذات» ومرتكزات ذاك «الآخر»...
عودًا إلى أمر الواقع، يمكن أن نُجمع على أنّ السياسة [أو الممارسة السياسيّة، أو ما نراه على هذه الصفة ونعتبره ضمن هذا التوصيف] تأتي في المقام الأوّل ترجمان نوايا ومرآة المقاصد، ومن ثمّة وحين تختصّ الذات الإلهية دون البشر بسبر النفوس ومعرفة هذه النوايا [عدا ما يدّعي بعض الظلمة والفجرة وعبدة الأوثان وعبيد الأصنام]، لا يمكن لأيّ كان، ومهما علا مقامه أو ارتفع منصبه أو تقدّس وجوده أو سرّه، أن يجعلنا نسلّم ـ خارج الإيمان الطوعي والتقبّل الإرادي أو قدرة «الإقناع» واحتلال الذاكرة ـ بهذه النوايا، وتبقى بذلك دواخل البشر متراوحة بين «تقيّة» تتطلّبها ظروف العسف وشروط التكيّف [بالمعنى الدارويني الحصري والمباشر] أو ما يراه علم النفس وتبغيه نظريّات التحليل السريري، في علاقة [نفعيّة أو هي انتهازيّة] بالرغبة الموقوتة في تسيير الرعاع وتدوير العوام من وراء الستار أو من قلب الشاشة.
أيضًا تأتي السياسة [أو الممارسة السياسيّة، أو ما نراه على هذه الصفة ونعتبره ضمن هذا التوصيف] مرتبطة بنتائجها ومرهونة بما أنجزت [وما لم تنجزه] رغم الاعتراف بأنّ لعبة السياسة في قاسمها الجامع تكمن في تلك القدرة على تأويل الفعل وصرفه في هذا الاتّجاه أو ذاك، ليصبح الأمر محطّ حقيقة [مفترضة كانت أو مفروضة] وإن كنّا نراها من زاوية مختلفة ومواقع ومواقف متباينة. لكنّ الأكيد والذي لا يقبل الدحض ولا يحتمل النقاش، يكمن في عدم قدرة أيّ طرف ما على إلزامنا، خارج ما يملك من وسائل ضغط، بأن نصدّق فعله قبل أن ينجزه، ليجعلنا كمن وصفهم عبد الله بن المقفّع على لسان بيدبا [أو دبشليم] بمن يشربون السمّ على سبيل التجربة، وقد حذّر من ذلك، كما حذّر من مجاورة السلطان!!!!
يبقى ـ من كلّ ذلك ـ الحاضر الماثل أمامنا، وفعل الواقع المعيش، بما يحمل من تناقضات «طبيعيّة» وتفاعلات «مفتعلة»، لنقول أنّ السياسة [أو الممارسة السياسيّة، أو ما نراه على هذه الصفة ونعتبره ضمن هذه الصفة] تأتي فعل واقع منعزل عند الحكم عليه وليس عند فعله، عن نوايا [قد تكون منقوصة] ومحصّلات [قد تأتي ناقصة].
عودًا إلى الواقع البادي أمامنا وما مثلته مجموعة سليمان من فكر، أو ما بدا لنا من ممارسة وتجسّد من فعل، لنقول بحصر النظر أو المشهد أو هي الرؤية والمشاهدة في القاسم الأدنى الثابت والمشهود بوقوعه [وإن اختلف البعض بخصوص صحّته] بعلاقة «الفصل/التواصل» بين جدليّة الفعل المادّي [ضمن المفهوم الماركسي الصميم] حين تأتي الوقائع وتتسارع في انعزال [نراه وليس حقيقة] عن ثوابت الأمور وحقائق الأشياء وكنهها وماهيتها.
كمثل ما يعيش العقل العربي من انفصام أو هي عدم قدرة على توليف الزمن بالمعلومة، أو الجزء ضمن الكلّ، يأتي عجزنا ـ أو هو رفضنا وعدم قبول العقل الباطن منّا ـ عن جمع لحظات الموت وفعل القتل ووقائع الدم التي دارت في نواحي سليمان بما وجب أن نتوسّع فيه عادة، بحكم «ولاية المثقف» النائمة في أعماقنا، ومن ثمّة قدرتنا [نحن الولاة] على التأثير في جدليّة البقاء/الفناء أو قبول من يمارسونها بإنزال المعادلة [أو هو الارتفاع بها] إلى هذه المرتبة التي قد تبدو سرياليّة/عبثيّة لكنّها تبدو قادرة ـ أو هي كذلك ـ على توصيف الموقف وتحليل الموقع ومن ثمّة إرضاء هذا «الوالي» فينا... دون القدرة [أو هي الرغبة] في قبول/رفض نظريّة البقاء/الفناء من داخل المعركة!!!! حين نأتي في الآن ذاته، في عجز تام على إيقاف الفعل أو دفعه، فنتظاهر بالفهم أو نكون كمثل خصيان السلطان، نمسك الركاب ونبثّ رياحين [المقالات] يين يديه، وقد نغدر به حين نفهم [أو نتوهم] أنّ اللاّحق أفضل من القائم وأنّ الولاية الورقيّة [ضمن جميع معاني الكلمة دون استثناء] قادرة على النزول، أو نحن قادرون على إنزالها من حالة الاستمناء وفعل الوهم إلى مرتبة الحقيقة ومجال الانجاز!!!
عودًا إلى الواقع [مرّة أخرى] يمكن الجزم أنّ الممارسة السياسيّة أو هو فعل العنف السياسي [حين تتعدّد التسميات والمسمّيات عديدة] يحتاج إلى فكر أو ما يمكن أن يقوم مقامه لحظة الفعل وعند التأويل، من باب أن الزراعة تبغي جنيا، لنرى أنّ جماعة سليمان جاءت ـ إذا استثنينا الاختراقات القائمة وحالة الافتعال المقصودة ـ متدثرة بقدرة «طهرانيّة» على بعث بعد الموت [أو هو الوأد] ورغبة في صناعة واقع جديد، يتّخذ من نقيض الواقع أصلا ومفصلا. إعادة «الانجاز» تأتي يأسًا من القدرة أو هو رفض الإصلاح، حين تتنزّل قطيعة «الكلّ» مع «الكلّ» مرجعًا وممارسة وتعلّة ومقصدًا، ليكون الفصل والبتر أو هي «الهجرة» التي لا تعيد «الفتح» [أيّ الجهاد] سوى من باب الرجوع إلى «الأصل الذهني، المفتعل [في الذّات] أو هو الفاعل [في الآخر]»، حين غاب أو تمّ تغييب ـ بفعل حضارة الخصي والإقصاء والوصاية والتحقير ـ كلّ قدرة أو رغبة أو حاجة أو مصلحة في «صناعة» [أو تصنيع] «الأصل الماثل» مع ما يلزم أو يجيز ذلك وجوبًا أو ضرورة [بفعل قانون الطبيعة البشريّة] من فرصة أو هي شروط الحوار والسعي لبناء «الذات/الآخر» خارج معادلات العدميّة والفناء والنفي القاطع!!!
إذا استعرنا معادلات النحو وكلّ قواعد اللغة، نجد الكائن البشري/الفرد فاعل أو هو قادر على الفعل وفي الآن ذاته قابل لفعل الآخر أو هو مفعول به ضمن صيغة من صيغ نحاة الحاضر [أيّ من يصنعون السياسة وراء الستار أو من قلب الشاشة]، لنكون ـ ربّما ـ «ضحايا مؤامرات» [أيّ مفعول بنا]، لكنّنا بذلك نرفض الارتقاء إلى دائرة الفاعلين سوى من خلال «الواقع الذهني، المفتعل [في الذّات] أو هو الفاعل [في الآخر]»!!!!
من ثمّة تأتي مسؤوليّة المقصد [ضمن المفهوم الفقهي الكامل] مرتبطة في الآن ذاته بأبعاد الإيمان وضرورة الانتماء أو هي «الخلافة على الأرض»، لكنّها تأتي مرتبطة بالواقع وأساسًا بالقدرة على الوصل/القطع بين رغبات الذات الدفينة من ناحية، حين تشبّعت بمرارة الإحباط الواقع وحلاوة الواقع «المفتعل/المسترجَع» من ناحية، وبين تلك القدرة على استحضار الأحكام «الشرعيّة والفقهيّة» في علاقة موصولة ودائمة بالأصل المؤسّس وكذلك في علاقة «جدليّة وتأسيسيّة بالواقع القائم».
لا تكمن المصيبة في هؤلاء «الفتية» وما صاروا إليه بحكم عوالم الخصي والإقصاء والوصاية والتحقير التي نحملها في دواخلنا، وأيضًا بحكم عدم قدرتهم أو رغبتهم في الانعتاق بالعالم «الباطن/الماثل» إلى خارج ثنائيّة البقاء/الفناء، بل في أنّ فيهم ما فينا ونحن نحمل ما يحلمون بفعله وعجزوا عن تأسيسه، وإن كانت العوالم مختلفة حين جاء «المناخ ذاته»، فهم ينفون كما ننفي، وهم يقصون كما نمارس الإقصاء وهم يرفضون [في الظاهر] كما نرفض [في بواطننا]....
جاؤوا «شرذمة» انفجرت في داخلها عدم القدرة على التوفيق [أو التلفيق] بين ما صنعوا في دواخلهم من عوالم تحمل جمالها في منتهاها وقبحها في وسائلها... «فاشلة» لأنّها نجحت في التأسيس لدوام القطيعة بين الواقع الذي نراه من ناحية والعالم كما هو حقّا.... «فاشلة» بحكم فشلنا جميعًا في إقامة الحدود المانعة بالتوافق وليس من خلال الإسقاط بين ما نراه حقيقة وما نريده حقّا...
تلك «يا صديق الصدفة» دلائل «التشرذم» وعلامات «الفشل» وما بينهما من قدرة على بعض الفعل وعجز عن التأسيس الكامل!!!!
هل توجد "ذرة" عقلانية واحدة في موقفك من الإسلام يا دكتورة سلوى؟
د. محمد الهاشمي الحامدي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا دكتورة سلوى الشرفي. بارك الله فيك على السؤال. أنا بخير والحمد للله، وأرجو أن تكوني وعائلتك الكريمة بخير ونعمة وعافية.
قرأت مقالتك المنشورة صباح اليوم، وما كتبته عن عزمك الإستشهاد بالطبري لإثبات الدوافع الدنيوية عند بعض من شاركوا في مواكب الفتح الإسلامي. تعلمين يا أستاذة، غالبا ما يجد المرء في صندوق التفاح الجميل تفاحة أو تفاحتين فاسدتين. ومع ذلك لا يفقد التفاح بهاءه وجماله.
ما تشيرين إليه لا ينقض القاعدة الأصلية التي شرحتها في مقالتي السابقة، وهي أن شعوب المجتمعات الإسلامية قبلت الإسلام لأنها وجدت فيه أشواقها للحرية والكرامة، ومنهاجها لسعادة الدنيا والآخرة، وعماد شخصيتها الحضارية المستقلة في العالم.
وقبل أن تبدئي رحلة التنقيب في خطاب الطبري، أقترح عليك أن تتكرمي أولا بتخصيص بعض الوقت لتحليل هذا الخطاب الذي أعرض لك اليوم فقرات منه:
الفقرة الأولى:
"هناك أوّلا مناطق كارثيّة في سيرة رسول الإسلام لا يمكن اعتبارها نموذجا يحتذى..".
(المصدر: موقع الأوان http://www.alawan.com/index.php?option=com_content&task=view&id=477&Itemid=10
الفقرة الثانية:
الجمع بين هذين المتناقضين يعني أنّ الجنون والهذيان موجودان في نظام الإفتاء ونظام الاجتهاد ذاته وفي المؤسّسات الدّينيّة نفسها. إنّها بضاعة رجال الدّين الإسلاميّ وقد ردّت إليهم، وهي ثمرة من ثمار هذه العلوم الدّينيّة البائسة التي كان أولى بها أن تدخل التّاريخ، ويهتمّ بها مؤرّخو العلوم أو مؤرّخو القوانين والحياة اليوميّة". (المصدر السابق)
الفقرة الثالثة:
هذا الإسلام الذي ننتمي إليه أحببنا أم كرهنا، سواء كنّا مؤمنين أم غير مؤمنين، خرج منه الإرهاب المعولم الحاليّ، وهو ينتج اليوم صورا من اللاّبشريّ منها ما تعبّر عنه هذه الفتوى، وهو إمكان العودة إلى ما قبل الفطام لتأكيد محرّم مشبوه تلتبس فيه المتعة بالقانون. (المصدر السابق)
الفقرة الرابعة:
يستمد الخطاب الديني قوته من كونه خطاب وهم يتأسس على خديعة مضاعفة: خديعة الذات في نزوعها إلى الخلود والخداع المصطنع لوسائط الإتصال، إضافة إلى طبيعته الأيديولوجية وخصوصياته كخطاب ديني.
(المصدر: موقع الأوان
http://www.alawan.com/index.php?option=com_content&task=view&id=354&Itemid=25
الفقرة الخامسة:
يندرج الخطاب الديني إذن ضمن خطاب الوهم. فالوهم ينشأ من الخوف من المجهول، أي من عدم المعرفة". (المصدر السابق)
الفقرة السادسة:
"يندرج الخطاب الديني إذن ضمن الخطاب الإيديولوجي اللاعقلاني، وبالتحديد ضمن خطاب الوهم شأنه شأن خطابات السياسة والفن والحب والجنس". (المصدر السابق)
الفقرة السابعة:
"يتبنى الخطاب الديني استراتيجية الإغراء ويدعي المعرفة الشاملة ويعتمد الحجج العاطفية والأخلاقية ولغة الترغيب والترهيب ومواضيع العقاب والثواب والإشارات الدينية من بسملة وحمدلة وحوقلة وأحاديث وآيات". (المصدر السابق)
الفقرة الثامنة:
"وهل يمكن عمليا حصر إيديولوجيا تدعي معرفة يقينية وتفسيرا شاملا للحياة وللموت ولما بعد الموت، وتقدم وصفات جاهزة للخلاص من الشقاء، هل يمكن حصرها في المجال الخاص دون القضاء عليها؟" (المصدر السابق)
الفقرة التاسعة:
"ولقد كتبت ما أزعجك حول المعادلة المفاهيمية التي أقمتها بين الغزوين العربي و الفرنسي من منطلق منطقي بحت، ما يعني أنني لا أرغب في عودة الفرنسيين و لا عرب الجزيرة اللذين يلقبون أنفسهم بالخليجيين، تاركين لنا العروبة بمرها أكثر من حلوها". (المصدر: تونس نيوز، 21 جوان 2007)
دكتورة سلوى الشرفي المحترمة
كل هذه النصوص منقولة من مقالات حديثة لك أنت شخصيا.
بحثت في هذه المقالات كلها، عن جملة واحدة أنقلها عنك، فيها كلمة خير واحدة عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، فلم أجد.
بحثت في هذه المقالات كلها، عن جملة واحدة أنقلها عنك، فيها كلمة خير واحدة عن الإسلام، فلم أجد.
بحثت في هذه المقالات كلها، عن جملة واحدة أنقلها عنك، فيها كلمة خير واحدة عن علماء الإسلام، فلم أجد.
قبل أن تعودي لتاريخ الطبري، أجيبيني رضي الله عنك وبارك فيك:
كيف تفسرين هذه المفارقة العجيبة، مفارقة تواتر النصوص المنتقدة للإسلام بعنف في ثنايا كل مقالاتك المنشورة، وانعدام أي جملة فيها، بل أي كلمة، يمكن أن يستشهد بها المرء على موضوعيتك وعقلانيتك وحيادك تجاه الإسلام ونبيه وعلمائه؟
من أين اكتسبت هذا الجفاء يا دكتورة سلوى؟
هل هو من بقايا فترة الإنبهار بالإيديولوجيا اليسراوية المتطرفة؟
ومن أين اكتسبت هذه الجرأة العجيبة على الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى الخطاب الديني بشكل عام، وعلماء المسلمين قاطبة؟
تقولين في جوابك صباح اليوم: "العقل، على حدوده، يكفيني مؤونة النظر".
وباسم هذه العقلانية أسألك:
هل توجد "ذرة" عقلانية واحدة في موقفك من الإسلام؟
مع التحية مجددا وفائق التقدير.
الأخ الهاشمي، مرة أخري كيف الحال؟
سلوى الشرفي
تدهشني قدرتك على الخروج عن موضوع النقاش بهدف تبليغ رسائل معينة. و للسياسة أحكام، يعرفها الذين يجادلونك منذ سنتين. أما أنا فإنني اعترفت لك في ردي السابق بأنني لست من هواة السياسة، و تساءلت عن سبب حشرك لرئيس الدولة في قضية الحال.
فهل سدت في وجهك سبل الحجاج إلى درجة نكرانك الآية 34 من سورة النساء التي تعطي الرجل المسلم الحق في ضرب زوجته، و تغاضيك عن الآيات التي التمييز في الميراث لصالح الذكر، و عن الشهادة الناقصة للمرأة، و عن حق الرجل في تعدد الزوجات، و في الطلاق... هذا إلى جانب بقية الحقوق الوهمية التي ابتدعها الناس حتى تتهمني بأنني أسأت إلى الإسلام ؟ فالإساءة قد جاءت منك بنكرانك لهذه الأحكام .
و هي عادة لدى بعض الإسلاميين الذين دأبوا على التنويه بالأحكام التي أنصفت المرأة حسب رأيهم، ثم إنكارها عندما يستنكرها غيرهم.
و بخصوص إنصاف المرأة المسلمة و إكرامها، فإنني أعترف بعجزي على فهم هذا التأكيد الذي تسوقونه، و الذي كررته أنت في ردك علي، دون تقديم حجة واقعية على هذا الرأي.
فإن كنت تقصد إنصاف المرأة بالنسبة لفترة ما قبل الإسلام، فإنني لا أستطيع مجادلتك بسبب غياب التوثيق الكافي حول تلك الفترة و عدم القيام بحفريات. فكل ما أعرفه هو أنه كان للسيدة خديجة من المال قبل الإسلام ما سمح لها بتأجير الرجال للعمل. و طبعا لا علم لي بمصدر أموالها لأنكم تؤكدون أن المرأة قبل الإسلام كانت لا ترث. أما إذا كنت تقصد أن الإسلام أنصف المرأة في المطلق، فإنني أتساءل عن سبب رفض عديد المسلمين البوم لأحكام التمييز و محاولاتهم المضنية لإقناعكم بضرورة الاجتهاد.
أما عدم الصلاة على النبي، التي تقدمها في شكل اتهام، فلا أعتقد أن الجدل على الإنترانت هو موقعها الطبيعي.
هذا كل ما يمكن أن أرد عليه مما جاء في مقالك، أما الارتسامات فإننا، و الحمد لله، لم نتعلم في المدارس التونسية فن الرد بمثلها. بل تعلمنا أن نقارع الحجة بالحجة أو نبحث في الموضوع إذا أعوزتنا الحجة.
بقلم: صابر التونسي
بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله، وبعد:
خلال زوبعة ما سمي "بالمصالحة" في الفترة الماضية كنت حقيقة محتارا في قدرة الأخ الهاشمي على المواكبة ومسارعته في الردود والتفاعل مع ما يكتب مساندا لرأيه أو مخالفا له، بل كنت أحيانا أشفق عليه وأرى أنه من الإجحاف مطالبته بالتفاعل مع كل من خالفه الرأي. وكنت أتساءل إن كان يجد وقتا لراحة أو نوم ، ثم أتساءل إن كان الهدف المعلن (المصالحة الهلامية) يستحق كل هذا الجهد، وكم أمّلت أن يكون الرجل مجتهدا ـ وإن أخطأ ـ حتى لا يكون ما بذله من جهده ووقته حسرة عليه.
وكنت أتساءل لماذا لا يخصص الأخ الهاشمي جزء من وقته للرد على من سماهم "أقليات متطرفة معقدة من التراث العربي والإسلامي لتونس" والحال أن له معهم ماض وتاريخ ولكنني لم أقرأ له يوما نصا يرد فيه على هؤلاء "المتطرفين الإستئصاليين" إلى أن عثرت له مؤخرا على مقال يرد فيه على (سلوى الشرفي) بعنوان: "دكتورة سلوى الشرفي ثقي بالشعب التونسي" أسعدني التوجه ولما قرأت النص وجدته قد حوى نقاط مهمة ولكنه أقحم فقرة لمديح "التجمع" و"بن علي" اقحاما في غير موضعه ـ في تقديري على الأقل ـ وقد ترددت كثيرا، هل أعلق على تلك الفقرة بنص مستقل وأبين خطأ ما ذهب إليه أو أعلق عليها تعليقا موجزا في ركن "السواك الحار"، ـ وهو ما فعلته ـ ثم أردت أن أحذفها قبل أن تنشر ـ بعد أن أرسلتها ـ ولكن كتب لها أن تنشر وأظن أن الله أراد خيرا بنشرها فقد تحقق ـ في تقديري ـ المراد منها! وإليكم الفقرة مصحوبة بالتعليق:
ومن حسن الطالع أن ورثة هذا التاريخ النضال الوطني العروبي الإسلامي العريق في قيادة هذا الحزب، وعلى رأسهم الرئيس زين العابدين بن علي، واعون تماما بدورهم التاريخي في الدفاع عن الهوية العربية الإسلامية لتونس، ولم ينساقوا أبدا، رغم المواجهات الشديدة التي جرت بينهم وبين الحركات السياسية الإسلامية، لم ينساقوا وراء دعوات غلاة اليسراويين المتطرفين المسكونين بملايين العقد تجاه الإسلام والتاريخ الإسلامي. (الهاشمي الحامدي: الحوار نت)
المدح في غير موضعه يسيء لصاحبه ولا يحصل منه مقصده!! ... يبدو أن الشمال المغناطيسي لبوصلة الأخ الحامدي متجه دائما إلى التجمّع و"السيد الرئيس"!! ... فالحديث عن الربيع وعن زيت الزيتون ومجادلة الخصوم كلها مواضيع يجد صاحبها قدرة على أن يمررها بالقصر ليؤدي الولاء والبيعة وينال البركة !! (إنتهى النقل)*
والمراد الذي تحقق ـ في تقديري ـ أن الأخ الهاشمي قد اطلع على التعليق المذكور أعلاه وكتب نصا آخر ردا على (سلوى الشرفي) بعنوان: "موقف عجيب ومحزن منك يا دكتورة سلوى الشرفي"على نص أقدم من النص الذي كان موضع رده الأول، وقد خلا رده هذه المرة من مديح في غير موضعه لبن علي وحزبه ولذلك أهنئه وأدعوه إلى مزيد من التحرر وهذا يعني أن الأمر لديه خيار وإرادة، وأنه قادر أن يحرر بوصلته من التوجه "للحاكم" بالمديح بمناسبة ودون مناسبة.
أرجوا أن تكون يا أخ الهاشمي قد عرفت فالزم!
آمل أن يستمر عطاؤك في هذا المجال بعد أن انقشع غبار "المصالحة" واتضحت الرؤى وتبين "الحق" من "الباطل" والمعلن من المبّطن. وبعد ذلك أرى يا أخ الهاشمي أنه لا يضيرك أن تختلف مع النهضة أو تكون لها وللشيخ الغنوشي منافسا أو تدعو لتأسيس تيار منافس أو موازي.
ما يضيرك ـ إن أردت نصحا ـ هو أسلوبك التحريضي ومنهجك المعكوس وتنظيرك للدكتاتورية الذي يوحي بأنه لا يمكن التعايش بين آراء مختلفة تحت سقف واحد ، وقد يطول الكلام في هذا الباب وأظن أن قصدي واضح، ـ ملخصه ـ بأن الديمقراطية وجدت لتحقيق التعايش مع الإختلاف وليس لتفجير الإنشقاقات كلما وجد خلاف ـ على فرض وجوده ـ وإلا كان الأمر مجرد عناد من قبيل ما أريكم إلا ما أرى، وكلامي هذا على وجه العموم ولا أتحدث عن حالة خاصة!
وأما نصف مساحة الإلتقاء التي وجدتها بيني وبينك بعد عناء وذكرتها في رسالتك الأخيرة لي فمرد ذلك إلى الملاحظة المذكورة أعلاه وهو أنك تصرح بحق الإختلاف ويصعب عليك أن تمارسه! وأما أنا فإني أجد مساحات للإلتقاء ودون عناء!!
والسلام على من عرف الحق فعمل به وتبين له الخطأ فأصلحه ! وعلى الجميع السلام.
(*) وهذا تعليق سلوى الشرفي على الفقرة المذكورة اطلعت عليه بعدما فرغت من كتابة هذا النص: "وبقى أنني لم أفهم حكمة حشرك للرئيس بن على في هذا الجدل. فهلا نورتنا ؟"
بقلم أحمد الخميسي
أعلنت حركة حماس أنها "حررت" غزة .. من حركة فتح! وأعلنت حركة فتح بدورها أنها حررت نفسها من حكومة حماس بحكومة جديدة. ومع التحرر المتبادل من "الوحدة الوطنية" تظل غزة خاضعة بالكامل للسيطرة الإسرائيلية المطلقة على الجو والبحر وكافة مصادر الكهرباء والطاقة والماء والسلع والمعابر والحدود، وقد تفشى الجوع والبطالة في سكانها علاوة على ما أسفر عنه التحرر المتبادل من خسائر في اشتباكات استخدمت فيها كل الأسلحة من بنادق وصواريخ وقذائف، وكل الأساليب من قصف وتدمير المؤسسات وإشعال النيران في المنازل وإعدام المواطنين، إلي آخر صور ذلك الاقتتال المشين والمخزي لكل من شارك فيه من الطرفين دفاعا عن حكم هزيل لا يمثل شيئا من طموح الشعب الفلسطيني ولا يساوي شيئا في ميزان كفاحه.
التحرير المتبادل أفضى ـ منذ صعود حماس للحكم ـ إلي مقتل نحو ستمائة مواطن غير المئات من الجرحى والأطفال الذين تيتموا. حماس حسب تصريحات قادتها تدافع عن فوزها في الانتخابات، وفتح حسب تصريحات قادتها تدافع عن شرعية المؤسسات الفلسطينية. فهل كانت الانتخابات الديمقراطية أو المؤسسات الشرعية هي هدف نضال الشعب الفلسطيني لأكثر من نصف القرن؟
أما عن فتح فقد اختطت لنفسها منذ اتفاقيات أوسلو في سبتمبر 1993 خط السلام مع إسرائيل وقبلت بالتنازل عن معظم أرض فلسطين مقابل حكم محلي ودويلة فلسطينية منزوعة السيادة وتفتقد كل قدرة على التطور المستقل. وحين بدأت حماس حركتها عام 1987 تعاطف الكثيرون معها وأنا منهم بفضل برنامجها الداعي إلي رفض طريق التسوية وثماره المرة، ومن ضمنها سلطة الحكم الذاتي التي اعتبرتها حماس في مواثيقها مجرد إفراز لاتفاقيات التعايش مع العدو ومجرد ستار لإضفاء الشرعية على الاحتلال.
فما الذي استجد بحيث تصبح الحكومة التافهة في ظل سلطة حكم ذاتي موضوعا جديرا بالقتال ولو أدى لسفك دماء الفلسطينيين؟
هل يكفل وجود حماس على رأس الحكومة شروطا أفضل لمواصلة النضال الفلسطيني؟ أم على العكس من ذلك فإن تلك الحكومة في ظروف الحصار الدولي والعربي ستصبح حبلا يلتف على رقبة حماس أولا وأخيرا؟
وإذا كانت حماس تستهدف فعلا لا قولا تحرير فلسطين، فلماذا لا تنصرف إلى ذلك التحرير، وتثبت للجماهير الفلسطينية أنها لا تصارع من أجل حكومة لكن من أجل وطن بأكمله؟
لقد انزلقت حماس بكامل إرادتها إلي صراع مشين، أسوأ ما فيه، أنها خرجت به عن أهداف النضال الفلسطيني. وقبل أن تستولي حماس على غزة، كان الصراع يدور في الأساس بين خطين سياسيين ينادي أحدهما بالسلام الفاشل، ويدعو الآخر لمواصلة النضال . أما بعد مهزلة غزة، فقد أدرجت حماس نفسها بين أطراف عملية أوسلو التي تدافع إلي آخر رمق عن سلطة حكم ذاتي، فحكمت على نفسها بالموت، ووضعت نفسها مع الآخرين على المستوى ذاته من كافة النواحي، وتحولت إلي ميلشيا تصارع من أجل كراسي حكم شكلي على حساب الشعب الفلسطيني . ولو أن الصراع الذي دار كان صراعا بين برنامجين كما يردد قادة حماس، فإن ما يحتاجه برنامج المقاومة هو إنزال الضربات العسكرية بإسرائيل وليس الاستيلاء على مقرات السلطة ومبانيها! ولقد كانت المقاومة هي العمل الوحيد الكفيل بعزل الخطوط السياسية الأخرى، أما ما قامت به حماس فهو مجرد انجراف إلي اقتسام كعكة أوسلو التي طالما ادعت أنها تتقزز من طعمها الفاسد!
لقد أيد كتاب الجماعات الإسلامية تحرير حماس لغزة وكتب بعضهم يشد على أيدي قيادات حركة حماس الذين – حسب تعبيره – أنجزوا :"في ساعات ما كان يحتاج لسنوات"! فما الذي أنجزوه؟ مجرد البقاء في الحكومة؟! أم أنهم يتصورون خطأ أن ذلك سيفسح أمامهم فرص النضال؟ فهل ضاقت تلك الفرص وهم خارج الحكم؟ ويقول كتاب الجماعات الإسلامية إن علينا أن ندين من يتعاملون مع إسرائيل، أي فتح، لأنهم السبب في كل الكوارث، لكن ألم تقدم حماس أيضا أكبر خدمة لإسرائيل بحرفها للنضال إلي اقتتال داخلي بعيدا عن المحتل والاحتلال؟ الغريب أن تأييد حماس لم يأت فقط من الإسلاميين، بل جاء وبنفس المنطق من فصائل تدعي أنها يسارية، فقد أصدرت مجموعة تطلق على نفسها " معسكر القوى المناهضة للإمبريالية " بيانا في 15 الحالي تقول فيه :"إننا نحيي استيلاء حماس على السلطة، لكونها تحقق أخيراً إرادة الشعب التي عبر عنها بكل جلاء في الانتخاب غير أنه قوبل ولا يزال يقابل من العالم بالتجاهل". وفي كل حالات التأييد وضع الجميع انتخابات حماس، أو بالعكس شرعية عباس، كأنها الهدف الذي عاش الشعب الفلسطيني لأجله!
وخلال ذلك كله تلح على الكثيرين عبارة الشاعر محمود درويش تعليقا على ما جرى:"أنا والغريب على ابن عمي، وأنا وابن عمي على أخي".
Ahmad_alkhamisi@yahoo.com
في هذه الأيام الفلسطينية، الدامية المحزنة المخزية الحاسمة في آن، ينبغي أن لا تغيب عن البصيرة تلك الحقيقة التي تقف في رأس أسباب ما جري، وما سيجري أيضاً: أنّ ما يُسمّي بـ العالم الحرّ أحبط تجربة الانتخابات التشريعية الفلسطينية (وكانت، كما شهد العالم الحرّ إياه، ديمقراطية في مقاييس متقدّمة، وتحت معيار ثقيل هو الاحتلال الإسرائيلي) من جانب أوّل؛ وأنّ الفصائل السياسية الفلسطينية، سواء منها التي فازت أو تلك التي خسرت، لم ترتقِ إلي أيّة سوية مقبولة لائقة بذلك الفعل السياسي الديمقراطي الرفيع.
الغرب مارس الإحباط (أي: الحصار والمقاطعة والإفشال والتعطيل...) عامداً متعمداً، والقوي الفلسطينية استأنفت حياتها قبل الانتخابات (أي، واصلت ولاءاتها الإقليمية والدولية، وعصبيتها الحزبية والعقائدية، فضلاً عن تضخيم نرجسية جديدة لدي الرابح والخاسر علي حدّ سواء) وكأنّ هذه الانتخابات لم تجرِ أصلاً!
هل أخطأ الشعب الفلسطيني حين منح حماس هذه الأغلبية، التي قد يتجاسر البعض فيطلق عليها صفة الديمقراطية الرجيمة التي كانت وبالاً علي أهلها؟ وهل توجّب أن يمارس الشعب الفلسطيني تجربته الديمقراطية الأولي الكبري، ليس من منطلق قناعات الناخب في زيد أو عمرو من المرشّحين للمجلس التشريعي، أو مكافأة هذا الفصيل أو معاقبة ذاك، أو اختيار أغلبية برلمانية استناداً إلي برنامجها الوطني إزاء مشكلات الشعب الفلسطيني المختلفة المعقدة... بل من منطلق الخشية من أن يسفر قرار الشعب عن الحصار والتجويع وقطع الأرزاق والاقتتال والحرب الأهلية والمجازر؟
هذا النوع من الأسئلة نافل، بالطبع، في أية تجربة ديمقراطية حقّة، بل هو افتئات علي روح الديمقراطية، وهرطقة فاسدة. إلا في فلسطين! أو، في الأقلّ، هذا ما يحقّ للمرء أن يفهمه من مسارعة العالم الحرّ إلي الاعتراف بحكومة سلام فياض، دون أيّ سؤال أو تساؤل ـ حتي من قبيل السفسطة الشكلية ـ حول مصير القرار الديمقراطي الفلسطيني ممثلاً في المجلس التشريعي. في عبارة أخري، تلقي الشعب الفلسطيني الرسالة التالية من العالم الحرّ ، ممثلاً في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي: كان عليكم ان تنتخبوا مثل هذه الحكومة في الأساس، ويتعيّن عليكم في المستقبل أن لا تنتخبوا إلا مثل هذه الحكومة، تحت طائلة تكرار ما جري من حصار وتجويع وسفك دماء!
والحال أنه إذا كانت حكومة اسماعيل هنية قد انقلبت إلي محض استطالة بيروقراطية للجهاز الأمني ـ العسكري الحمساوي، الذي بلغ ذروة قصوي دموية في إبطال القرار الشعبي الفلسطيني الذي جاء بـ حماس إلي الحكومة، فإنّ حكومة فياض تنقلب لتوّها إلي محض استطالة بيروقراطية للجهاز الرئاسي الذي سكت تماماً، لكي لا نقول إنه شجّع، الذروة القصوي الدموية التي بلغتها أجهزة محمد دحلان، اقتفاء للغرض ذاته في الواقع: أي إبطال الفعل الديمقراطي الذي جاء بـ حماس أو سيجيء بها ثانية في أيّ يوم. واستطراداً، إذا جاز اعتبار حكومة هنية دموية حمساوية أصولية صاحبة أجندات إيرانية سورية، فإنّ من الجائز اعتبار حكومة فياض انتهازية فتحاوية لا وطنية صاحبة أجندات إسرائيلية أمريكية أوروبية!
أليس لافتاً للانتباه أنّ طليعة قرارات حكومة فياض لم تكن ذات طابع اجتماعي أو اقتصادي، معيشي أو صحي أو تربوي، بل كانت تغيير جواز السفر الفلسطيني؟ ما الغرض من هذا القرار العاجل الفوري، سوي الإيحاء بإضافة حصار جديد إلي سلسلة الحصارات التي يعاني منها الفلسطيني، والتلويح بطرائق في الابتزاز ليست أقلّ سوءاً من ممارسات الاحتلال؟ أليس لافتاً، في ملفّ آخر، أن يسارع عضو اللجنة التنفيذية ياسر عبد ربه إلي الإعلان بأنّ الرئيس الفلسطيني محمود عباس سيلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت الأسبوع المقبل، مبشّراً كذلك بأن زعيماً عربياً سيحضر الاجتماع؟ ما الغرض من هذا التصريح، سوي طمأنة العالم الحرّ إياه حول مستقبل التفاوض في ظلّ حكومة الطواريء العتيدة، وكأنّ حكومة هنية هي التي كانت مسؤولة عن تعطيل التفاوض منذ توقيع اتفاقيات أوسلو!
والذي يصف حركة حماس بأنها إرهابية و انقلابية و تكفيرية ، كما فعل عباس مؤخراً في خطابه الناريّ أمام المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية (الذي، للإيضاح المفيد، لم يجتمع منذ عام 2003)، ماذا يسمّي ناخبي حماس الذين صوّتوا لها بالأغلبية الكاسحة الشهيرة؟ هل هم، بدورهم، إرهابيون و انقلابيون و تكفيريون و خونة ؟ وإذا كان رئيس كلّ الفلسطينيين (وليس الزعيم الفتحاوي فقط، أخلاقياً ودستورياً في الأقلّ) يطلق هذه الصفات علي أبناء شعبه ناخبي حماس ، فهل نلوم الخطاب الإسرائيلي أو الأمريكي إذا وضع الفلسطينيين، جميع الفلسطينيين، في خانة الإرهاب؟ وكيف صحا عبّاس، اليوم فقط، علي هذه الحقائق الإرهابية الإنقلابية التكفيرية الخيانية لحركة هزمت حركته التاريخية، وكلّفها بتشكيل حكومتين، ووقّع معها اتفاقاً ذهبياً مقدّساً في رحاب مكة المكرّمة، برعاية سعودية، وفي غمرة إغداق للمديح المتبادل وإهراق للنوايا الطيبة؟
ثمّ إذا صحّ أنّ حماس نفّذت انقلاباً علي الشرعية، فكيف نسمّي لجوء عباس إلي هذه البدعة الجديدة التي أسماها حكومة طواريء، تسرح وتمرح في شرعية ذاتية التوليد، حتي تقرّر الرئاسة العودة إلي المجلس التشريعي، إذا قرّرت طبعاً؟ أهو انقلاب علي شرعية واقعة في كوكب آخر، وليس في رام الله؟ أم هو انقلاب مشروع، لأنه حظي علي الفور بتأييد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدولة العبرية؟ وإذا صحّ أن حماس تسعي إلي إقامة دولة التخلّف والظلام ، كما اعتبر عباس في الخطاب ذاته، فأية دولة كان يسعي إليها محمد دحلان في غزّة؟ أهي دولة الحقّ والخير والجمال؟ وفي التنكيل اليومي بكرامة المواطن الفلسطيني الغزّاوي، ما الفارق حقاً بين جهاز القوّة التنفيذية الحمساوي، وجهاز الأمن الوقائي الفتحاوي؟
وكان مثيراً للشفقة أن يلمّح عباس إلي ارتباط حماس بجهات إقليمية، في ما يشبه التأكيد علي أنّ المخطط المعدّ سلفاً وتوافقت عليه قيادة حماس في الداخل والخارج مع بعض الأطراف الإقليمية، كان أسبق من محاولاتنا لتجنيب شعبنا الويلات والنكبات . أهذا نقد ذاتي، أم إقرار بعجز الرئاسة وحلفائها غير الحمساويين، أم دسّ لرأس النعامة في رمال المؤامرات الخارجية؟ وكيف حدث أنّ الحمساويين سبقوا الدحلانيين علي هذا النحو الخاطف، حين يكون الفريق الأوّل تحت الحصار والفريق الثاني يتنعّم بالمساعدات العسكرية والتكنولوجية والاستخباراتية الأمريكية؟ وكيف حدث أنّ الهزيمة كانت نكراء، إلي حدّ أتاح للغلاة والمتطرّفين والمجرمين من حماس أن ينفّذوا أبشع الفظائع بحقّ خصوم اليوم أشقاء الأمس؟
وأين كانت الرئاسة عن مخطط يصفه عباس نفسه هكذا: سلخ غزة عن الضفة الغربية وإقامة إمارة أو دويلة من لون واحد يسيطر عليها تيار واحد من ميزاته التعصب ، وذلك لتحقيق حلم مريض وأهوج في إقامة إمارة الظلام والتخلف، والسيطرة بقوّة الحديد والنار علي حياة أبناء غزة وفكرهم ؟ سبحان الله! وما الذي كانت كانت الإمارات الأخري، الفتحاوية هذه المرّة، حيث الفساد والنهب والقهر، تسعي إلي تحقيقه؟ الحلم النظيف المستنير المعافي، بدولة الحقّ والخير والجمال؟
ولائم حماس علي ارتباطاتها الإقليمية، سواء مع النظام الإيراني أو النظام السوري، هل كان ينتظر منها أن لا ترتبط إلا مع الأنظمة التي ترتبط بها الرئاسة الفلسطينية، علي نحو او آخر، مثل السعودية ومصر والأردن؟ أليس من المنطقي أن لا يكون لـ حماس أيّ ارتباط إلا مع هذين النظامين حصراً، فضلاً عن العلاقة الوطيدة مع حزب الله اللبناني، في طول الشرق الأوسط وعرضه؟ ومَن الجهة التي يمكن أن تستفيد من الدخول مع حماس في شراكة من أيّ نوع، سوي النظام السوري والنظام الإيراني؟ وهل هذا الحلف المؤلف من النظام الإيراني والنظام السوري وحركة حماس و حزب الله ، يعني أنّ الأحلاف الأخري علي حقّ، وتسبغ بالتالي شرعية آلية علي حليفها عباس؟
لكنّ الرئيس الفلسطيني يتناسي أنه زار دمشق مطلع هذا العام لا لكي يبيع الزيارة (حتي في بُعدها الرمزي المحض) إلي الولايات المتحدة وإسرائيل فقط، أو لكي يساوم عليها مع بعض الأطراف العربية مثل مصر والأردن والسعودية وقطر فحسب، بل أيضاً لكي يعيد تسويق دور ما للرئاسة الفلسطينية في ما يخصّ الحوارات الأعرض نطاقاً مع طهران ودمشق، ولكي لا يكون خالد مشعل هو الضيف الوحيد علي تلك الحوارات. وللتذكير الضروري، فإنّ المشهد المسرحي الذي جري قبيل انعقاد اللقاء بين عبّاس ومشعل، حيث تمنّعا كلّ علي طريقته قبل أن تفلح وساطات وليد المعلّم، كان مجرّد تدريب علي المشهد المسرحي الأهمّ الذي سيُنفّذ في زمن قصير لاحق: اجتماع رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني، علي أكبر لاريجاني، مع الفصائل الفلسطينية المقيمة في سورية.
والحال أنّ ذلك اللقاء الفريد كان يرسل إشارتين: أنّ طهران طرف أوّل، قبل دمشق أحياناً، في ما يخصّ الفصائل الفلسطينية الإسلامية علي الأقلّ؛ وثانياً، أنّ طهران طرف أوّل، قبل دمشق حتماً، في أيّ ترتيبات ذات طابع عريض يشمل قوي إقليمية عربية وغير عربية، من غزّة إلي بيروت إلي بغداد إلي الرياض. وأن يتعامي عباس عن هذه الحصيلة أمر يخصّ شخصيته الرئاسية الكارثية أساساً، لكنه لا يغيّر من وقائع علي الأرض، وفي نطاق أعرض بكثير ممّا يخال العباقرة الملتفّون حول عباس، المبتهجون علي هذا النحو أو ذاك بما آلت إليه الأمور في غزّة.
إنه نطاق إسرائيلي أوّلاً، لأنّ أجهزة أولمرت تعرف جيداً أين وكيف وإلي أيّ عمق تضرب حماس جذورها في الشارع الفلسطيني، أكثر بكثير ممّا تعرف أجهزة عباس (البعض اليوم يتناسي أنّ الدولة العبرية كانت أبرز الساكتين علي صعود حماس منذ نشوئها، وذلك للمناورة بها ضدّ سلطة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في غزة). وهو نطاق أمريكي ثانياً، لأنّ واشنطن تلعب مع طهران قبل رام الله، كما لم تعوّدنا هذه الإدارة بالذات علي أيّ لعب خارج القواعد الإسرائيلية. وهو، غنيّ عن القول، نطاق إقليمي طويل عريض، تمتزج فيه السياسة بالعقيدة، وتحضر علي تخومه بغداد مثل كابول، فضلاً عن وطأة قبائح الاستبداد والفساد في النظام العربي كما يُعاد إنتاجها بيد دحلان وأمثاله.
وهكذا، إذا كان انقلاب حماس في غزّة رابحاً علي الصعيد الأمني التكتيكي وكارثياً علي الصعيد السياسي الاستراتيجي، فإنّ انقلاب عباس في رام الله لن يضيف إلي سلطته أيّ بأس تكتيكي أو سطوة ستراتيجية في كلّ ما يتجاوز العلاقة مع حماس ، بدءاً من أولمرت، مروراً بالرئيس الامريكي جورج بوش أو الاتحاد الأوروبي، وصولاً إلي أضراب ذلك الرئيس العربي الذي بشّرنا عبد ربه أنه سيشارك في لقاء عباس ـ أولمرت. تلك سلطة رأينا حدودها ربيع العام الماضي، ساعة هجوم الجيش الإسرائيلي علي سجن أريحا، واقتحامه بقوّة الدبابة والجرّافة، وتهديم جدرانه وأسواره ومهاجعه، ثمّ اعتقال الأمين العام لـ الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ورفاقه. ومن المحزن أنّ تعيد حماس في غزّة إنتاج ذلك المشهد الذي اجترحته الدولة العبرية حين أخرجت حرّاس سجن أريحا ومعظم سجنائه عراة إلا من ورقة التوت.
هذه التي يصرّ الرئيس الفلسطيني علي تسميتها: سلطة وطنية فلسطينية!
(*) كاتب سوري مقيم في باريس
(المصدر: صحيفة "القدس العربي" (يومية – لندن ) بتاريخ 21 جوان 2007)
كيف سقطت إمبراطورية الفساد في غزة؟
الشيء الأكثر غموضا في الأحداث الدامية في غزة هو سرعة نجاح مجموعات حماس المسلحة في التغلب على جميع أجهزة الأمن الرسمية للسلطة الفلسطينية، التي كانت خاضعة لسلطة الرئيس، محمود عباس، كانت عدة الأجهزة الرسمية عشرات الآلاف من الجنود، وقد ملكوا السلاح، والتجهيزات والمنشآت، لكن كل هذا لم يساعدهم، وبالتالي فإن مقاومة الأجهزة وقادتها من حركة فتح هجمات الوحدات التنفيذية وكتائب القسام لحماس استمرت أقل من 48 ساعة... كيف حدث هذا؟
الإجابة المقبولة هي أن أناس فتح وقادتهم في هذه الأجهزة لم يريدوا القتال أصلا، لقد خضعوا لأنهم لم يروا هذه الحرب حربهم، من جهة أكثر نشطاء فتح في غزة، ومن جهة نشطاء حماس في القطاع يقينا، كانت الحرب حرب حماس ضد محمد دحلان، فلماذا يُعرضون حياتهم للخطر في الدفاع عن دحلان وعن عدة عشرات من رجاله يُعدون جماعة فاسدة آثمة؟
وهكذا بعد أن هرب دحلان ورجاله من غزة، وبعد أن قتل عناصره الذين ظلوا في القطاع بوحشية، حاولت حكومة هنية نهاية الأسبوع الماضي أن تُحدث انطباعا أن الحياة في غزة تعود إلى ما كانت عليه، فُتحت عدد من الحوانيت، وشوهدت حركة سيارات في الشوارع، وانقطع تقريبا إطلاق صواريخ القسام على سدروت، ووُعد بتحرير الصحفي ايلان جونستون، وربما بتجديد التفاوض لإطلاق سراح جلعاد شليط.
بل إن أفراد حماس أطلقوا سراح قادة من فتح غير متهمين بالفساد أو بالصلة بدحلان، بقي أحمد حلس، وهو من البارزين في قادة فتح في غزة، في المدينة وهو يتحدث إلى قيادة حماس، وبقي مسئولون آخرون كبار في فتح، عملوا في مناصب رئيسة عند ياسر عرفات، مثل الوزيرين السابقين فريح أبو مدين وناهض الريّس، في غزة ولا يضايقهم أحد، توحي حماس إذا برسالة واضحة بأنها ليس لها شيء مع حركة فتح ولا مع شرعية عباس؛ كانت المشكلة الطابع الفاسد والسلوك الفاسد لدحلان ورجاله، بعد أن أنهوا الحساب معهم يريدون الآن بدء تفاوض والتوصل إلى مصالحة مع عباس.
لا أمل في نجاح هذا، بعد أحداث الأسبوع الماضي لا أمل في أن ينجح هنية وقيادة حماس في محادثة عباس، الشقاق بين هنية وحماس في غزة وبين أبو مازن وفتح في الضفة يبدو انه لا يمكن رأبه، سيحظى أبو مازن وحكومة طوارئه في الضفة باعتراف وبمساعدة دولية واسعة، وسيكون هنية وحكومته في غزة تحت الحصار.
لكن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر زمنا طويلا، لم تكن المشكلة قسوة دحلان ورجاله وفسادهم فقط، الفلسطينيون، مثل شعوب كثيرة أخرى، مستعدون للصفح عن الفساد ما ظل القادة يأتون بالنماء والرفاهة، مشكلة دحلان وأبو مازن، وحركة فتح عامة، أنهم جلبوا شعبهم إلى حضيض فظيع، والى حياة فقر، وضيق وحصار، المسار السياسي الذي مشوا فيه عشرات السنين، وفي الأساس منذ الاعتراف بإسرائيل في صيف 1988، أفضى إلى طريق مسدود.
الاتهام بالطريق المسدود يقع على إسرائيل أيضا، لكن الجمهور المسحوق في غزة تهمه حقيقة أن قادته الذين علقوا آمالا على إسرائيل، قادوه إلى هذا الوضع لهذه الأزمة الحالية أزمة عميقة، من أصعب ما عرف الجمهور الفلسطيني منذ سنين، وهي أزمتنا أيضا بقدر كبير، أزمة دولة إسرائيل التي انهارت المسيرة السلمية معها وهي غير قادرة على إعادة بناء نفسها.
(المصدر: موقع المركز الفلسطيني للإعلام بتاريخ 21 جوان 2007)
بحوث حول تداعيات الرقابة الذاتية على حريّة التعبير الأكاديمية والسياسية والاقتصادية
لمـــاذا يمـــارس المثقــــف الرقابــة الذاتــة؟
تونس-الصباح:
انطلقت صباح أمس بالعاصمة فعّاليات منتدى الفكر المعاصر حول تداعيات الرقابة الذاتية على حرية التعبير الأكاديمية والسياسية والاقتصادية المنتظم ببادرة من مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات ومؤسسة كونراد أديناور بتونس والجزائر..
وتحدث الدكتور المنصف وناس من كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس في محاضرة عن المثقف العربي بين الرقابة الفكرية والرقابة الذاتية وقال إن البلاد العربية لها علاقات وثيقة جدا بالرقابة الفكرية فمصر مثلا عرفت الرقابة منذ حل بها نابليون بونابرت الذي أصدر أمرا صارما بتنظيم عملية الطبع.. كما أن الرقابة موغلة في القدم في المغرب العربي والشام.. وذكر أن الرقابة هي آلية من آليات السلطة وهي مفصل من مفاصل السيطرة على المجتمع من خلال السيطرة على شريحة المتعلمين والمثقفين..
وبين الجامعي أن هناك فرقا بين الرقابة الذاتية والرقابة الفكرية.. ولاحظ أن الرقابة الرسمية مناقضة تماما للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.. وبين أن هذه الرقابة في الوطن العربي متشعبة من حيث قوانينها ومن حيث الأفراد الذين يقومون بالرقابة فهناك رقابة حتى على النوايا..
وقال الدكتور وناس إن الرقابة في المنطقة العربية مازالت متشددة.. ولاحظ أن الرقابة الذاتية هي اختيار ذاتي فالفرد المنتج للنصوص والأفكار يمكن أن يلزم نفسه حسب ما تمليه عليه التزاماته الفكرية والسياسية وغيرها.. فهي بذلك عمل فردي واختيار ذاتي.. كما أنها امتداد للرقابة الفكرية الشاملة والعامة.. وهي سواء كانت رقابة فكرية أم ذاتية فهي في النهاية نوع من التحكم في تدفق المعلومات والحيلولة دون وصولها للمستفيدين كليا أو جزئيا.. فالمعلومة في المنطقة العربية على حد قوله تتأرجح بين المسموح به وغير المسموح به..
فالخاصية الكبرى للسلطات العربية هي أنها تسمح لنفسها بأن تراقب كل أنماط الإنتاج الفكري والفني والصحفي والإعلامي ولكنها لا تسمح إطلاقا بأن تتم مراقبتها وهي مسألة على درجة من الأهمية..
ولاحظ أن المنطقة العربية من أكثر المناطق رقابة على النصوص الفكرية والنوايا وبين أن الرقابة الذاتية والرقابة العامة لا يلتقيان.
وقال" نحن اليوم أقل حرية فكرية من بلدان إفريقية وهو أمر مقلق.. فالرقابة في الوطن العربي على درجة من الثقل والقوة لا يستهان بها.. كما أن الرقابة الذاتية موجودة بقوة في المنطقة العربية.. سواء في قضايا الدين أو السياسة أو الجنس وغيرها".
ولاحظ أن السلطات في المنطقة العربية لا تريد أن تصل الأفكار كاملة للجمهور فهي تراقب الكتب والأفكار والنوايا وحتى الانترنات..
وقال "نحن اليوم في حاجة ماسة إلى حوار فكري عميق حول هذه الرقابة.. وإلى أن ندرك إلى أي مدى يمكن أن يتحمل المثقف هذه الرقابة فحتى الانترنات بعثت له اليوم آليات مختلفة لإخضاعه إلى الرقابة"..
فقضية الرقابة اليوم على حد قوله بحاجة إلى أن يفك المثقف الحصار عن نفسه وأن يكتب ما يجب أن يكتبه وأن لا يتنازل عن أفكاره.. ويجب عليه أن يحرج الرقيب.. لأن الرقابة الفكرية في الوطن العربي أصبحت دون قاع.. ولا ضوابط لها ولا حدود.. وقال إن الرقابة الذاتية تعمق الرقابة العامة.. فالتنازل عن الأفكار أي الرقابة الذاتية يساعد على استشراء هذه الرقابة.. وبين أن قاليلي حينما سجن من أجل أفكاره اكتشف أن الأرض تدور..
وبين أن هناك اليوم 17 دولة عربية تراقب الإنتاج الفكري قبل صدوره و7 دول تراقب المادة الإعلامية قبل صدورها.. وبناء عليه فإن جرأة المثقف هي القادرة لوحدها على تحريك الأمور وعلى إحراج الرقيب العربي وعلى خلخلة البنية الرقابية..
وقال إنه ليس من أنصار الخطاب الذي يخطئ المثقف العربي وهو يعتقد أن المثقف العربي دفع الثمن باهظا.. هناك من سجن وهناك من أبعد..
المسكوت عنه
بين الدكتور عبد الجليل التميمي رئيس المؤتمر أن الرقابة المباشرة على الإنتاج الفكري في البلدان العربية يمكن عموما تتبعها رغم الصمت عن العناوين الممنوعة أو المحجوزة أو المصادرة.. لكن الرقابة الذاتية لا يمكن قياسها أو إخضاعها للدراسة الكمية إذ هي ترتبط بما يسلّطه الباحث على نفسه من ضغوط وما يضعه أمام نفسه من محرمات بعدم معالجة عدد من الملفات المحرّمة خوفا من العقوبات التي قد تلاحقه من المسؤولين الجامعيين والإداريين والذين يمارسون التهديد في وضح النهار ودون قيود.. ولا يمكن دراسة هذا الجانب دون الاستعانة بالمنتجين أنفسهم من باحثين ومفكرين وفنانين وغيرهم لمعرفة مختلف الضغوطات التي يستحضرونها سواء كانت رسمية أو غير رسمية ظاهرة أو خفية وهو ما من شأنه أن يساعد على مواجهة تلك الرقابة الداخلية وتجاوزها باعتبارها أخطر الرقابات بل هي تتجاوز رقابة المؤسسة والإدارة والدول خطورة..
وبين أن الرقابة جعلت لزمن غير زماننا ولم يعد لها مفعول كما كان الحال في السابق في ظل عصر المعلومات والتكنولوجيا المتطورة.. وذكر أن الرقابة لم تخدم مسار التنمية الحقيقية للشعوب بل هي محتكرة.. وقال إن المؤتمر يكتسي أهمية خاصة لأنه يتعلق بالمستوى الأول والأساسي من الرقابة التي يمارسها الباحث والسياسي والصحافي وذلك قبل الوصول إلى مؤسسة الرقابة الرسمية..
وقال الأستاذ أبو الطيب بلقاسم من المغرب :ما هي العلاقة بين المراقبة الذاتية والتواصل الثقافي والتنمية من مقاربة مغاربية عبر التجربة الوطنية لكل دولة.. ودعا لضرورة إعادة كتابة التاريخ المغاربي والعربي وإرجاع الكرامة للذين ضحوا كثيرا ودعا لتشجيع روح الانتماء الإقليمي واحترام الآخر وتشجيع الاهتمام بثقافة الآخر للتضامن والتكامل المغاربي والعربي وبين أن هناك العديد من المسائل التي مازالت تعد من المحرمات ولا يمكن الحديث عنها.. وقال "نحن مجتمع المسكوت عنه ونحن الذين نقف عند ويل للمصلين ونحن في البلدان المغاربية في حاجة إلى الثروات الفكرية وخلق المؤسسات الثقافية عوضا عن المطاعم والحانات والملاهي الليلية".. ودعا إلى مراجعة الكتب المدرسية حتى يكون الفرد مفتخرا بأنه مغاربيا قبل أن يكون تونسيا أو جزائريا أو ليبيا أو موريطانيا.. فلا توجد بلدان أفضل من أخرى.. ولا شعوب أحسن من أخرى.. وتساءل: "لماذا نربي أطفالنا على الخوف من الحاكم ومن الجنس ولا نربيهم على المواطنة.. وقال إن الرقابة الذاتية خطيرة جدا.. ويمكن أن تؤدي إلى نتائج عكسية"..
وذكرت السيدة ألفة رفرافي التي ألقت كلمة الدكتور هاردي أستري ممثل مؤسسة كونراد أديناور بتونس أن هذه المؤسسة التي تم تركيزها بتونس منذ 25 سنة تعتبر أن الحق في التعبير هو أساس الديمقراطية.. لأنها تمكن الأفراد من التعبير عن آرائهم والدفاع عن مواقفهم وأفكارهم.. بينت أن التطرق لموضوع الرقابة والرقابة الذاتية هام..
سعيدة بوهلال
(المصدر: جريدة "الصباح" (يومية – تونس) الصادرة يوم 22 جوان 2007)
سبعة معتقلين جزائريين في غوانتانامو رفضوا العودة الي الجزائر خشية متابعتهم قضائيا
الجزائر ـ القدس العربي ـ من مولود مرشدي
قال المحامي فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لحقوق الإنسان (هيئة حقوقية حكومية) ان سبعة جزائريين معتقلين في قاعدة غوانتانامو الامريكية والذين ابدت السلطات القضائية الأمريكية استعدادا لاخلاء سبيلهم رفضوا ترحيلهم باتجاه الجزائر.
وقال قسنطيني في حوار مع الاذاعة الجزائرية الناطقة بالامازيغية امس ان الجزائريين السبعة طالبوا بترحيلهم الي البانيا ورفضوا تسليمهم الي الجزائر.
وكشف قسنطيني ان هؤلاء السبعة ابدوا هذه الرغبة خشية احتمال متابعتهم قضائيا من طرف السلطات الجزائرية بمجرد عودتهم في قضايا متعلقة بالارهاب.
وقال قسنطيني ان رغبة هؤلاء في التوجه الي البانيا ترجع الي كونهم متزوجين من البانيات ويحملون الجنسية المزدوجة الجزائرية والبوسنية.
وتوقع قسنطيني الافراج عن هؤلاء المعتقلين السبعة قريبا دون ان يقدم تاريخا محددا لذلك.
وكان وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي اكد في تصريح صحافي السبت الماضي عـــــن قرب الافراج عن بعض المعتقلين وان ذلك سيــــكون قريبا دون ان يكشــــف عن عددهم أو هويتهم.
واشار مدلسي الي ان المفاوضات بين الطرفين الجزائري والامريكي بخصوص اطلاق سراح الجزائريين المعتقلين في قاعدة غوانتانامو لا زالت متواصلة واننا نترقب اطلاق سراح البعض منهم قريبا ووعد باطلاع الرأي العام بتطورات الملف في الايام القليلة القادمة.
ولم يستبعد قسنطيني امكانية استفادة هؤلاء المعتقلين الجزائريين من تدابير ميثاق السلم والمصالحة الوطنية الذي اقره الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في بداية اذار (مارس) من العام الماضي في مسعي لانهاء الازمة الامنية في الجزائر من خلال وقف المتابعات القضائية ضد حاملي السلاح الذين يعودون الي احضان المجتمع .
وقلل قسنطيني من جهة اخري من امكانية تسليم القضاء البريطاني للثري الجزائري عبد المؤمن خليفة رئيس مجموعة الخليفة المفلسة الي السلطات القضائية الجزائرية بعد الطلب الذي تقدمت به فرنسا لتسلمه.
وقال انه لا يمكن رؤية خليفة امام القضاء الجزائري قبل ان يمثل امام القضاء الفرنسي.
وارجع قسنطيني ذلك الي التعاون الوثيق بين الدول الاوروبية في مجال تسليم المطلوبين وتخوف القضاء البريطاني من تطبيق حكم الاعدام علي عبد المؤمن خليفة رغم ان الجزائر اوقفت العمل بتنفيذ الاعدام حتي وان كانت العدالة الجزائرية ما زالت تصدر احكاما بالاعدام دون ان تنفذها وذلك منذ سنة 1993 .
يذكر ان محكمة جنايات ولاية البليدة (50 كلم جنوب) كانت اصدرت حكما بالسجن المؤبد في حق الثري الجزائري الذي فر الي العاصمة البريطانية مباشرة بعد افلاس مجموعته بداية سنة 2003 رفقة عشرة متورطين اخرين حوكموا غيابيا.
وتتفاوض السلطات القضائية الجزائرية مع نظيرتها البريطانية بهدف تسليمها عبد المؤمن خليفة ولكن المفاوضات طالت دون ان تفضي الي نتيجة ملموسة في هذا الشأن.
(المصدر: صحيفة "القدس العربي" (يومية – لندن ) بتاريخ 22 جوان 2007)
موريتانيا .. حزب إسلامي لشؤون الدنيا !!
تسلمت وزارة الداخلية الموريتانية يوم الثلاثاء 19/06/2007 ملف أول حزب سياسي للإسلاميين في موريتانيا، بعد قرابة عشرين عاما من الحظر، والصراع من أجل الشرعية.
وقد سلمت الوزارة الإسلاميين إيصالاً أوليا ينص القانون على وجوب تسلمه، في انتظار دراسة الملف والرد على مؤسسيه قبل انقضاء مهلة 60 يوما، التي يحددها القانون المنظم للأحزاب السياسية في البلاد.
رئيس الحزب الجديد، والمنسق العام لتيار الإصلاحيين الوسطيين، النائب محمد جميل ولد منصور، استبق طرح أوراق الملف رسميا لدى وزارة الداخلية، ليعلن أن الحزب الجديد ليس حزبا إسلاميا بالمفهوم المتداول في الإعلام، وإنما هو حزب للإصلاحيين، رغم أن القانون الموريتاني لا يمنع الأحزاب الإسلامية على الإطلاق، وإنما السلطة التي تتعسف في فهمها للقانون.
لا لاحتكار التدين
وقال ولد منصور في مقال نشرته يومية "السراج" الناطقة باسم التيار الإسلامي 19/06/2007: "إن الدستور الموريتاني لا يتضمن لا في طبعته الأصلية ولا في تعديلاته الجديدة أي إشارة للأحزاب الإسلامية، وليس صحيحا أنه يمنعها، لا في منطوقه ولا في مفهومه، كل ما في الأمر هو القانون المنظم للأحزاب السياسية، والذي ينص في مادته الرابعة على أنه لا يجوز لحزب من الأحزاب أن ينفرد بحمل لواء الإسلام، وهو أمر لا خلاف فيه، ولعله يؤكد أن كل الأحزاب مطالبة بأن تكون إسلامية المرجعية بناء على الدستور".
وخلص ولد منصور إلى القول بأن كل الأحزاب السياسية القائمة متمسكة بذلك البند القانوني، وتهمة الانفراد هنا منتفية؛ لأن كل الأحزاب ترفضها، ولا تسمح لأحد بأن يحتكر الإسلام عنها، ومن سعى لاحتكار الإسلام في هذا البلد فهو واهم ومخطئ.
وقال ولد منصور الذي يترأس فريقا برلمانيا في البرلمان الجديد بأنه لا يعلم طرفا في الساحة السياسية قدم نفسه باعتباره حزبا إسلاميا، وأن الآخرين ليسوا كذلك، بل إن الذي يصر على اعتبار طرف بعينه إسلاميا دون غيره هو الذي يمارس مهمة نفي الصفة الإسلامية عن الأحزاب الوطنية الأخرى، وهو أمر غير مقبول.
حزب يدبر شؤون الدنيا
ولعل الأكثر إثارة في توضيح رئيس الحزب الجديد، هو تشديد رئيس الحزب على أن المطالع للوثيقة المعبرة عن الإصلاحيين الوسطيين يجد نفسه أمام حزب سياسي يدبر شؤون الدنيا، له رأي في الاقتصاد وتدبير المعاش، وله اقتراحات في الصحة والتعليم، وله مواقف من جملة مسائل السياسة الداخلية والخارجية، وقال ولد منصور: "صحيح أنه قبل ذلك حقق نسبته الفكرية والنظرية حين اعتبر منطلقاته هي المرجعية الإسلامية والانتساب الوطني والخيار الديمقراطي، وبطبيعة الحال لا يحتكر أيا منها عن الآخرين، لا هو بالمريد ولا هو بالقادر".
ولعل الرسالة التي أراد ولد منصور توصيلها للسلطة الموريتانية الحاكمة هي: "إن الانتقاء في الديمقراطية خطر عليها، والإكراه مناقض لجوهر وتفاصيل الديمقراطية، ومن لم تعترف له بحزب أرغمته على خلاف رغبته"!!.
وأكد المنسق العام لتيار الإصلاحيين الوسطيين أن البلاد الآن تعيش مرحلة خاصة من تطورها السياسي، تحتاج فيها لكل أبنائها، فحماية الديمقراطية بعد سنوات من التحريف و التزوير، وتحقيق التنمية بعد عهود من الحيف والتطفيف، وتعزيز الوحدة الوطنية بعد ما لحق بها من الاستهداف والانخرام، تحتاجنا جميعا، و تستلزم تعاوننا جميعا.
النظام الأساسي للحزب الجديد
الديباجة:
اعتمادا على الله سبحانه وتعالى، وتوكلاً عليه، وتأسيسا على دستور 20 يوليو 1991، قامت مجموعة من الموريتانيين بتأسيس حزب سياسي يدعى التجمع الوطني للإصلاح والتنمية، سعيا إلى الإسهام في إيجاد حلول للمشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وغيرها من المشاكل التي تعترض مسيرة الشعب الموريتاني، خلال برنامج سياسي ينطلق من الثوابت بنظرة متفتحة تساير العصر وتسعى للتجديد الهادف البناء.
الباب الأول- الاسم، المقر، الرمز، الشعار:
المادة 1: تأسس في الجمهورية الإسلامية الموريتانية حزب سياسي يدعى التجمع الوطني للإصلاح والتنمية، وذلك طبقا للقوانين المعمول بها في الجمهورية الإسلامية الموريتانية.
المادة 2: يوجد المقر الرئيسي في العاصمة نواكشوط، ويمكن نقله إلى أية نقطة من الوطن بناء على قرار من هيئات الحزب، وفقا لترتيبات يحددها النظام الداخلي.
المادة 3: شعار الحزب هو: أصالة – إصلاح – تنمية.
المادة 4: الرمز المميز للحزب سيحدد في النظام الداخلي.
الباب الثاني- المبادئ والمنطلقات:
المادة 5: المبادئ الأساسية للحزب:
- الالتزام بالإسلام مصدرا وحيدا للتشريع، ودينا للدولة والشعب، كما ينص عليه دستور البلاد.
- تعزيز الوحدة الوطنية، وحمايتها في إطار من الاعتراف بحق التعدد العرقي والثقافي.
- تعزيز الحريات الفردية والجماعية، والدفاع عن الحقوق الأساسية للإنسان والمواطن.
- الدفاع عن الحوزة الترابية للجمهورية الإسلامية الموريتانية، وحماية استقلالها.
- ضمان حماية الملكية الفردية، وحرية المبادرة والإبداع في إطار المصلحة العامة.
- التقيد بدستور الجمهورية الإسلامية الموريتانية، والتشبث بالآليات الديمقراطية التعددية للتداول السلمي على السلطة.
الباب الثالث- الأهداف:
المادة 6: يهدف التجمع الوطني للإصلاح والتنمية إلى:
- إقامة مجتمع ينعم بالمثل والقيم المستلهمة من ديننا الإسلامي الحنيف، وتطبيقات الديمقراطية الصحيحة، التي تكفل العدالة والسلم والرفاهية والحرية والمساواة.
- حماية الوحدة الوطنية، والحوزة الترابية، والاستقلال الوطني، والدفاع عن المصالح العليا للبلاد.
- إرساء دولة قانون حقيقية.
- تكريس خيار التناوب السلمي الديمقراطي على السلطة.
- القضاء على الأمراض الاجتماعية والمسلكيات المنحرفة، كالاسترقاق والعنصرية والفئوية والقبلية والجهوية والمحسوبية، وكل مظاهر استغلال الإنسان للإنسان.
- تحقيق العدالة الاجتماعية وإشاعة العدل.
- الدفاع عن استقلال البلاد وهويتها وثوابتها.
- حماية موارد البلاد الاقتصادية وتراثها الحضاري.
- إحياء دور موريتانيا الحضاري، وإعطاؤها مكانتها اللائقة بين شعوب العالم، بوصفها جمهورية إسلامية ديمقراطية نموذجية.
- العمل على قيام نظام عالمي جديد مؤسس على السلم والتعايش المنسجم والعدالة الاجتماعية, يسعى إلى القضاء على الحروب ومصادر النزاعات المسلحة.
- الدفاع عن القضايا العادلة في العالم، ونصرة المظلومين، والتأكيد على حق الشعوب في تقرير مصيرها.
(المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 21 جوان 2007)
موريتانيا تنفي وجود سجون سرية لواشنطن على أراضيها
أمين محمد-نواكشوط
نفت نواكشوط أي وجود لسجون سرية للمخابرات الأميركية على أراضيها عقب نشر صحيفة أميركية مقالا يكشف عن إدارة المخابرات المركزية الأميركية سجنا سريا في موريتانيا يضم عددا من المتهمين بالضلوع في أعمال إرهابية.
وقالت الخارجية الموريتانية في تصريح بثته وسائل الإعلام الموريتانية الرسمية الليلة الماضية إن أي تفكير في هذا الموضوع غير موجود، وبالأحرى القيام به.
وأضافت أن موريتانيا دولة ديمقراطية تحترم القانون والاتفاقيات الدولية وتعتز بذلك، معتبرة أن ذلك يمثل إستراتيجية لا رجعة فيها بالنسبة للبلاد.
سجن سري
وكانت صحيفة "نيو يوركر" الأميركية قد كشفت يوم أمس الأول في مقال كتبه الصحفي الأميركي الشهير سيمور هيرش أن وكالة الاستخبارات الأميركية (سي. آي. أي) تدير سجنا سريا في موريتانيا يضم عددا من المتهمين بالضلوع في أعمال إرهابية.
وأضافت الصحيفة أن المعتقلين في هذا السجن قد يصلون إلى 39 معتقلا، كما أكد الصحفي نفسه في مقابلة تلفزيونية أخرى أن افتتاح السجن تم بموافقة السلطات الانتقالية التي قادت البلاد بعد إطاحتها بنظام العقيد معاوية ولد سيدي أحمد الطايع، إلى أن تم تسليم السلطة لرئيس منتخب في التاسع عشر من أبريل/نيسان الماضي.
واعتبر الصحفي أن التعاون الأمني مع المجلس العسكري الحاكم خلال الفترة الماضية كان كبيرا إلى درجة أن الجنود الأميركيين لا يحتاجون إلى تأشيرة لدخول موريتانيا.
مطالبات بالتحقيق
الخبر الذي نشرته الصحيفة الأميركية أثار جدلا سياسيا وإعلاميا واسعا مساء أمس في الشارع الموريتاني حيث دعت أحزاب من المعارضة إلى فتح تحقيق فوري في الموضوع.
فقد طالب حزب تكتل القوى الديمقراطية الذي يقوده زعيم المعارضة الموريتانية أحمد ولد داداه بفتح تحقيق معمق حول الموضوع وكشف الحقيقة أمام الرأي العام.
وأكد الحزب في بيان له ما وصفه بخطورة هذه المعلومات التي نشرتها الصحيفة الأميركية على المستويين الأخلاقي والسيادي، مما يتطلب –في نظره- تسليط الضوء بشكل عاجل على هذه القضية.
كما طالب أيضا السلطات الحالية باتخاذ كل التدابير اللازمة لإغلاق أي سجن مفترض، ورفض أي طلب مماثل في المستقبل.
أما حزب اتحاد قوى التقدم المعارض وثاني أكبر حزب تمثيلا في البرلمان فقد اعتبر أن المعلومات التي أوردتها الصحيفة الأميركية على درجة عالية من الخطورة، حيث تتعلق باتهام السلطات الانتقالية بأنها تواطأت مع الاستخبارات الأميركية المتهمة من طرف الرأيين العامين الأميركي والدولي بعدم احترام المعاهدات الدولية المتعلقة بمعاملة أسرى الحرب.
وأوضح بيان صادر عن الحزب مساء أمس أن الحزب يوجه طلبا ملحا إلى الحكومة الموريتانية بأن تباشر التحقيقات الضرورية لإطلاع الشعب الموريتاني والرأي العام الدولي على حقيقة هذا الموضوع البالغ الأهمية.
من جهته اعتبر المتحدث الإعلامي باسم المرصد الموريتاني لحقوق الإنسان أحمد فال ولد الدين للجزيرة نت أن هذه المعلومات إن صحت فستمثل سابقة خطيرة في تاريخ البلاد، وربما في تاريخ المنطقة العربية بشكل عام.
وطالب ولد الدين السلطات الموريتانية بإطلاع الرأي العام على الحقيقة، كما ناشد البرلمان الجديد تحمل مسؤولياته كاملة في الضغط من أجل كشف الحقيقة ومتابعة المسؤولين عنها.
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 21 جوان 2007)
Posted by tunisinfo at 1:07 PM
No comments:
Post a Comment